الباحث القانوني
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الباحث القانوني فضاء للبحث القانوني الجيد ذو المستوى العالي في كل مجالات القانون


أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

دستورية النصوص العقابية

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

1دستورية النصوص العقابية Empty دستورية النصوص العقابية الأحد مايو 02, 2010 9:40 pm

Admin

Admin
Admin

المعايير والضوابط الدستورية لضبط التجريم والعقاب تشريعيا
موضوعية إجرائية
• توطــــئة:
إن المعايير المستهدفة في شأن دستورية النصوص العقابية، تضبطها مقاييس صارمة، ومعايير حادة تلتئم وطبيعة هذه النصوص لاتصالها المباشر بالحرية الشخصية التي أعلى الدستور قدرها، مما يفرض على المشرع الجنائي أن ينتهج الأطر الدستورية والوسائل القانونية السليمة سواء في جوانبها الموضوعية أو الإجرائية لضمان ألا تكون العقوبة أداة عصف بالحرية، ولتكون العقوبة التي يفرضها الشارع في شأن الجريمة والعقاب تبلور مفهوما للعدالة يتحدد على ضوء الأغراض الاجتماعية التي يستهدفها التشريع، فتمحو هذه المعايير رغبة الجماعة المجردة في إشباع غريزة الثأر والانتقام ، بالبطش بالمتهم باعتباره عضوا فاسدا أو متعديا على حقوق الجماعة، كما لا يسوغ للمشرع أ ن يجعل من نصوصه العقابية شباكا أو شراكا يلفيها ليتصيد باتساعها أو بخفائها من يقعون تحتها أو يخطئون مواقعها ، فالجزاء الجنائي لا يكون مُبَرّرا إلا إذا كان واجبا لمواجهة ضرورة اجتماعية تكافئه جسامة وخطرا، بتناسبه مع الفعل المؤثم فان جاوز ذلك كان مفرطا في القسوة مجافيا للعدالة، ومنفصلا عن أهدافه المشروعة، أي الدستورية.
ولا شك أن الحق في محاكمة منصفة حق كفلته الدساتير بما نصت عليه من أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه، ويستمد هذا الحق أصله من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يقرر أن لكل شخص حقا متكاملا ومتكافئا مع غيره في محاكمة علنية ومنصفة تقوم عليها محكمة مستقلة، ولكل متهم الحق في افتراض براءته إلي أن تثبت إدانته في محاكمة علنية ومنصفة توفر له فيها الضمانات الضرورية لدفاعه – وليس ذلك إلا ترديداً لقاعدة استقر العمل علي تطبيقها في الدول الديمقراطية وتقع في إطارها مجموعة ضمانات أساسية تتصل بتشكيل المحكمة وقواعد تنظيمها وطبيعية القواعد الإجرائية المعمول بها أمامها وكيفية تطبيقها من الناحية العملية، فإن إدانة المتهم بالجريمة تعرضه لأخطر الفيود علي حريته الشخصية وأكثرها تهديدا لحقه في الحياة، مما لا سبيل إلي توفيه إلا بضمانات فعلية توازن بين حق الفرد في الحرية وحق الجماعة في الدفاع عن مصالحها الأساسية.
وقد حددت المحكمة الدستورية ضوابط صياغة النصوص الجنائية فأوجبت أن تصاغ تلك النصوص في حدود ضيقة و بأنه لا يجوز أن يكون أمر التجريم فرضيا و هو ما يتحقق في كل حال يكون النص العقابي محملا بأكثر من معني أو مرهقا بأغلال تعدد تأويلاته أو مرنا متراميا بحسب الصيغة التي أفرع إليها.
الدستورية العليا في 2 ديسمبر سنة 1995 في القضية رقم 28 لسنة 17 ق دستورية – الجريدة الرسمية العدد 51 في 21 ديسمبر سنة 1995
فالدستور خول السلطة التشريعية في مجال تنظيمها للحقوق – وبما لا إخلال فيه بالمصلحة العامة أن تحدد وفق أسس موضوعية ومن خلال النظم العقابية التي تقرها أركان كل جريمة دون أن يفرض عليها طرائق بذاتها لضبطها تعريفا بها ودون إخلال بأن تكون الأفعال التي جرمتها هذه النظم قاطعة في بيان الحدود الضيقة لنواهيها فلا يشوبها الغموض أو تتداخل معها أفعالٌ غيرُها مشروعةٌ يحميها الدستور.
ولأن التشريع وتطوره هو في حقيقته تاريخ لتطور ضمير الجماعة، ومقياس لمستوى التحضر، فهو يعالج مقتضيات سلوك الأفراد في خلايا الجماعة، وكلما تلاحق التشريع المجرم المعاقب وتعدد كان ذلك مؤشرا لملاحقة الأفراد في سلوكياتهم من ناحية، ومؤشرا للعلاقة بين المحكومين والحكام من ناحية أخرى، وكذلك دالا على الظروف الاجتماعية والثقافية والاقتصادية للجماعة، ومن ثم يلزم عند كل تطوير تشريعي مراجعة التطور التاريخي لمشروع النص المستحدث بحسب وروده بالمشروع الجديد، مقارنة بالنصوص القرينة به بالتشريعات الأقدم، وذلك توفيا لمصائر التشريعات الأقدم من حيث إعادة التعديل أو الإلغاء، أو الصدام الاجتماعي لدى التطبيق.
• الارتباط النسبي بين ثقافة المجتمع والظروف البيئية ومعايير التجريم:
إن أوقع تعريف للقواعد القانونية أنها قواعد ضبط وتنظيم السلوك الإنساني في الجماعة، فهي تحكم العلاقات بين الأفراد والجماعات، وترسم الحدود التي لا تقبل الجماعة تجاوزها، كما تحدد العقوبة الرادعة لكل فعل ترفضه الجماعة، ومن ثم يختلف بحسب ثقافة كل جماعة قدر ونوع ما تقبله وما ترفضه من سلوك، ومدى استهجان ما هو مرفوض من سلوك، وبالتالي فإن فكرة التجريم وتحديد العقاب تتطور بتطور المجتمع وتطور ثقافاته وتبدلها، وذلك ما يجعل التجريم والعقاب محل تطور وتغيير تباعا، فضلا عن تغايره بتغاير الزمان والمكان، مما قد ينتج عنه اختلال معيار التجريم فيؤدى إلى أن القانون لا يعبر عن الفيم السائدة في المجتمع تعبيراً صحيحا وعلى الرغم من ذلك تظل فكرة تقنين التجريم والعقاب على درجة من الأهمية، لتعذر الضبط السلوكي بدونها، ولأنها توفر حصرا للجرائم التي عرفتها الجماعة.
• المكنة المخولة للسلطة التشريعية في تطبيق فكرة التجريم والعقاب:
لا يعرف التطبيق مجالا محددا لمكنة السلطة التشريعية في وصف فعل أو سلوك أو امتناع بأنه جريمة، فللسلطة التشريعية في ذلك حرية شبه مطلقة، إلا أن التقييد يطال السلطة التشريعية من منظور آخر، وهو منظور صياغة النصوص الراسمة لحدود الجريمة والعقاب عليها، والدساتير هي المرجعية الحاكمة في هذا الشأن، ومن ورائها المواثيق الدولية التي تسوء بمناوأتها والخروج عليها سمعة الدساتير والقوانين على السواء، وتظل المحاكم الدستورية في عديد من الدول وعلى الأخص الأكثر تحضرا راصدا لكل خروج على مقتضيات العدالة الدستورية، فهي مخشية الجناب سواء في طور التشريع توفيا لأحكامها، أو كملاذ للجماعة من تجاوز السلطة التشريعية حدود حقها في التشريع، وبين اتساع دائرة حرية السلطة التشريعية، والرقابة الدستورية، على خلفية من نظرية العدالة، أعملت المحاكم الدستورية والفقهاء الأفهام في وضع معايير موضوعية وإجرائية لضبط التجريم والعقاب تشريعيا.
المعايير الموضوعية:
أ‌- تعيير الركن المادي في تعيين الجريمة.
ب‌- تعيير الركن المعنوي في تعيين الجريمة.
ج- تعيير العقاب المكافئ والرادع والعادل بذات الوقت لكل جريمة.
• أولا: تعيير الركن المادي في تعيين الجريمة:
• الدستور والفعل المادي:
إن النظام القانوني يجب أن يسوده مبدأ الوحدة ، فلا تتعارض نصوصه أو تتنافر فيما بينها ، ونصوص الدستور تساهم في تحقيق الانسجام والترابط في بنيان النظام القانوني، وقد يحمي القانون الجنائي حقوقاً يقررها الدستور، وعلى العكس من ذلك فقد يرفع الدستور بعض القواعد الجنائية إلى مرتبة المبادئ الدستورية.
انظر في تأصيل الصلة بين الدستور والقانون الجنائي للدكتور محمود نجيب حسني_ الدستور والقانون الجنائي، دار النهضة العربية (1992) رقم 2، ص2 وما بعدها.
وإذا كان القانون الجنائي قد قرر أهمية الفعل بحسبانه يرسم الحد الفاصل لتدخل الشارع بالتجريم ، فإن الدستور نص- حال تقريره لمبدأ عدم رجعية النصوص الجنائية على الماضي- على أنه لا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون (المادة 66 في فقرتها الثانية)، ومفاد ذلك أنه لا يصلح في نظر الدستور للتجريم ما هو دون الفعل، وقد حرصت المحكمة الدستورية العليا على تأكيد هذه القاعدة بقولها: إن الدستور المصري نص في المادة 66 منه على أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لصدور القانون الذي ينص عليها، وكأن الدستور قد دل بهذه المادة على أن لكل جريمة ركناً مادياً لا قوام لها بغيره، يتمثل أساساً في فعل أو امتناع وقع بالمخالفة لنص عقابي مفصحاً بذلك عن أن ما يركن إليه القانون الجنائي ابتداء في زواجره ونواهيه- هو مادية الفعل المؤاخذ على ارتكابه إيجابياً كان هذا الفعل أم سلبياً.
المحكمة الدستورية العليا المصرية جلسة: 3/7/1995، القضية رقم 25 لسنة 16 ق دستورية.
ومفاد ذلك أن الدستور قد اشترط بنصه بكلمتي (الأفعال اللاحقة)، أن شرط التجريم يقتضي فعلا ماديا محدثا لأثر ظاهر، وأن يكون هذا الفعل لاحقا في الزمن على النص القانوني بتجريم هذا الفعل أو هذا السلوك المادي.
• شرط المادية في الفعل أو السلوك محل التجريم:
على الرغم من بديهية وبساطة القول بأن مادية السلوك من لزوميات صفة الفعل، فلا فعل إلا حيث يحدث سلوك مادي، إلا أنه لدى اتخاذ هذه الكلمات كمعيار لضبط وصف فعل بأنه مؤثم ثارت صعوبات تطبيقية كثيرة.
فهناك جرائم يقر المجتمع بالتجريم فيها رغم أنها تستند لمعيار حالة الجاني باعتبارها دالة على خطورة الجاني لا إلى فعله المادي، وقد نظرت المدرسة الوضعية إلى الجاني باعتباره مصدر الخطورة على المجتمع ، فليس مصدر هذا الخطر الجريمة التي وقعت، وإنما هي الشخصية الإجرامية بما تنطوي عليه من تهديد إلى العود للجريمة، وأنه يجب أن يتاح للمجتمع مكنة الدفاع عن نفسه وأن يؤاخذ الجاني إذا بدت منه بادرة تدل على خطورته الإجرامية، ولو لم يرتكب فعلاً معيناً، وقد أثار تجريم (الحالة) خلافاً كبيراً في الفقه المقارن: فجرائم الحالة لا تنطوي في حفيقتها على فعل غير مشروع- إيجابياً أو سلبياً- يرتبط بسلوك الشخص، ومثال ذلك إدمان الخمر أو المخدرات أو التواجد في حالة سكر في مكان عام أو الاشتهار بارتكاب جرائم معينة، وتكمن الاعتراضات على تجريم (الحالة) في أنها قد لا تنطوي على الصفة الإرادية التي يتعين توافرها في الفعل المجرم، فالجاني فيها قد لا يملك القدرة على تغيير هذه الحالة، والنتيجة التي تترتب على عدم توافر هذه الصفة الإرادية هو انتفاء الفعل بمدلوله القانوني، وهو ما يتنافي كذلك مع أمر الدستور الذي يحظر العقاب إلا على الأفعال المادية، ويضيف أنصار هذا الاتجاه حجة أخرى هي أن القانون الجنائي يهتم بما يفعله المرء لا بما هو عليه من حال، وأن من شأن الأخذ بتجريم الحالة أن يشجع أنصار الفكر الشمولي، وأن ينال بالتجريم مجموعات من الأفراد تمثل أقليات غير مرغوب فيها في المجتمع لأسباب ترجع إلى أعراقهم أو دينهم أو ثقافتهم أو توجهاتهم السياسية، كما أن الحالة لا تنطوي في حقيقة الأمر على فعل مادي ملموس، ومن ثم فإن تجريمها يخالف أسس التجريم والعقاب.
يراجع في هذا النظر، د/ أحمد فتحي سرور_ الخطورة الإجرامي، مجلة القانون والاقتصاد، س34، العدد الأول ، مارس 1964 ص 439.
والدكتور سمير الشناوي : الشروع في الجريمة ، دراسة مقارنة 1992 ص 59.
والدكتور محمود محمود مصطفي_ أصول قانون العقوبات في الدول العربية ، دار النهضة العربية، 1983 رقم 126 ص 161.
وقد أثرت هذه الأفكار في التشريعات ومن بينها القانون المصري: إذ كان الشارع يعاقب على مجرد الاشتباه بموجب المادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 في شأن المتشردين والمشتبه فيهم. وقد قضت محكمة النقض المصرية- في ظل سريان هذا النص- أن الاشتباه حالة تقوم في نفس خطرة قابلة للإجرام، وهذا الوصف بطبيعته ليس فعلاً يُحَس في الخارج ولا واقعة مادية يدفعها نشاط الجاني إلى الوجود ؛ وإنما افترض الشارع بهذا الوصف كمون الخطر في شخص المتصف به، ورتب عليه محاسبته وعقابه، كما دلت على أن الاشتهار والسوابق قسيمان في إبراز هذه الحالة الواحدة، متعادلان في إثبات وجودها، وأن السوابق لا تُنشئ بذاتها الاتجاه الخطر الذي هو مبنى الاشتباه، وإنما هي تكشف عن وجوده وتدل عليه أسوة بالاشتهار، ومن ثم جاز الاعتماد على الأحكام المتكررة الصادرة على المتهم، ولو لم تصر نهائية- متى كانت قريبة البون نسبياً، وكانت من الجسامة أو الخطورة بما يكفي لاقتناع القاضي بأن صاحبها خطر يجب التحرز منه.
نقض مصري 8 إبريل 1968 مجموعة أحكام محكمة النقض س 19 ، رقم 77 ، ص 408.
وقضت المحكمة الدستورية العليا المصرية بعدم دستورية هذا التجريم تأسيساً على أن "نص المادة 66 من الدستور دل على أن لكل جريمة ركناً مادياً لا قوام لها بغيره، يتمثل أساساً في فعل أو امتناع وقع بالمخالفة لنص عقابي، مفصحاً بذلك عن أن ما يركن إليه القانون الجنائي ابتداء في زواجره ونواهيه هو مادية الفعل المؤاخذ على ارتكابه، وان الاشتهار بالمعنى الذي قصده نص المادة الخامسة المطعون فيه يعتبر في ذاته مكوناً لجريمة لا يعاصرها فعل أو أفعال بعينها، وهو فوق هذا يجهل بماهية الأفعال التي يتعين على المخاطبين بالقوانين الجزائية توقيها وتجنبها، ................ وأن هذا الاشتهار ينصرف إلى حالة خطرة تستمد عناصرها من السوابق أو الأقوال أو غيرها، وجميعها لا ترقى إلى مرتبة الفعل، ولا يقوم هو بها، وأن صورة الاشتباه التي تقوم في جوهرها على أحكام إدانة سابقة يظل جريمة بلا سلوك، إذ ليس شرطاً لقيامها أن يكون قد عاصرها أو اتصل بها فعل محدد إيجابياً كان هذا الفعل أم سلبيا.
المحكمة الدستورية العليا جلسة 2 يناير 1992، مجلة القضاة الفصلية ، س 25 ، ع2، 1992 ، ص 71 وما بعدها.
وقد قضت المحكمة الدستورية العليا كذلك- لذات هذه الأسباب- بعدم دستورية نص المادة 48 مكرراً من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات والتي تقضي بجواز الحكم بتدابير مقيدة للحرية على من سبق الحكم عليه أكثر من مرة أو اتهم لأسباب جدية في إحدى الجنايات المنصوص عليها في هذا القانون.
المحكمة الدستورية العليا المصرية جلسة 15 يونيه 1996 في القضية رقم 49 لسنة 17 ق دستورية، مجلة القضاة الفصلية ، س28 ، ع1_ 2، 1996، ص 192 وما بعدها.
وبناء على ما تقدم من بيان أمثلة أحوال غياب أو ميوعة تحديد الفعل المادي، ووقوف المحكمة الدستورية لهذه النصوص بالمرصاد، يبرز مفهوم الفعل المادي كسلوك محدث لأثر ظاهر، كشرط ومعيار لتجريم الفعل، حسبما بين الدستور باشتراط أن يكون محل التجريم (أفعال لاحقة على التجريم).
• جلاء نصوص التجريم والعقاب وتحديدها صياغة ومضمونا:
لغة التشريع يجب أن تكون واضحة دقيقة، فاللغة المعقدة تجعل القانون مغلقاً، كما أن اللغة غير الدقيقة تجعل القانون مبهماً، ويجب أن يكون للتشريع لغة فنية خاصة به، يكون كل لفظ فيها موزوناً محدود المعنى، ولا يجوز أن يتغير معنى اللفظ الواحد باستعماله في ظروف مختلفة، كما أنه إذا عبر عن معني بلفظ معين، وجب ألا يتغير هذا اللفظ إذا أريد التعبير عن هذا المعني مرة أخرى، ولا يتنافي أن تكون لغة التقنين غنية وأن تكون بسيطة تنزل إلى مستوى الجمهور.
الدكتور عبد الرزاق أحمد السنهورى : الكتاب الذهبى للمحاكم الأهلية،ص 1833-1933 ، الطبعة الثانية ، طبعة نادى القضاة ، (1990) ، الجزء الثاني ، ص 115.
وتقتضي صفة التحديد أن كل قاعدة قانونية يجب أن تنطوي على حل لمشكلة يثيرها النص، فكل قاعدة تتضمن بالضرورة الإجابة على سؤال ورد بها، فإذا ورد السؤال وانتفت الإجابة عليه أو كانت هذه الإجابة غير وافية أو تسمح بالتأويل والاستنتاج كان النص غير محدد، ويكون نص التجريم غامضاً (إذا جهل المشرع بالأفعال التي أَثّمها فلا يكون بيانها واضحاً جلياً ولا تحديدها قاطعاً أو فهمها مستقيماً بل مبهماً خافياً على أوساط الناس، باختلافهم حول فحوى النص العقابي المؤثم لها ودلالته ونطاق تطبيقه وحقيقة ما يرمى إليه، ليصير إنفاذ هذا النص مرتبطاً بمعايير شخصية مرجعها إلى تقدير القائمين على تطبيقه لحقيقة محتواه، وإحلال فهمهم الخاص لمقاصده محل مراميه الحقيقية وصحيح مضمونه.
الدستورية العليا جلسة 8 فبراير سنة 2004 قضية رقم 146 لسنة 20 قضائية.
وإرساء لهذا المبدأ فقد تفهمه القضاء وتتابعت الطعون بعدم الدستورية على النصوص التي أصابها العوار الدستوري، في اختلال الصياغة عن الغاية التشريعية بشكل ينافي مفهوم وفكرة العدالة.
فقضت المحكمة الدستورية بعدم دستورية نصوص لتخلف المساهمة بفعل مادي حين يوجب نوع الجريمة المساهمة المادية بفعل فيها، مع ارتباط ذلك أيضا بالعلم والإرادة على السواء، ومن هذه النصوص الملغاة بأحكام دستورية، ما كان ينص عليه قانون الأحزاب السياسية الصادر بالقانون رقم 40 لسنة 1977 في المادة الخامسة عشر منه من تقرير مسئولية رئيس الحزب عما ينشر في صحيفة حزبه، غير أن الشارع أغفل إيضاح طبيعة مسئولية رئيس الحزب عما ينشر في الجريدة ومدى مساهمته بفعل إيجابي فيما ينشر، وتعلق ما ينشر بعلمه وإرادته، كما نفي الحكم الدستوري على هذا النص أن يكون الشارع قد تغيا المسئولية المدنية لعبثية الازدواج في التشريع إشارة إلى تضمن القانون المدني معالجة للمسئولية المدنية تفي بالإحاطة بالحالة.
المحكمة الدستورية العليا المصرية جلسة 3 يوليو 1995 الطعن رقم 25 لسنة 16 ق دستورية.
كما قضت بعدم دستورية المادة الأولى من القانون رقم 102 لسنة 1983 بشأن المحميات الطبيعية الذي أحال إلى قرارات تصدر من مجلس الوزراء يحدد فيه ماهية المحمية الطبيعية ، وعاقبت نصوص القانون على صور مختلفة من المساس بهذه المحميات. وقد صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم450 لسنة 1986 يتضمن النص على جعل منطقة معينة محمية طبيعية ، ونصت مادته الأولى على أنه (تعتبر محمية طبيعية في تطبيق أحكام القانون رقم 102 لسنة 1983 المشار إليه وفقا للحدود الموضحة بالخريطة المرفقة كل من:................، وكان أن اتهم قبطان إحدى السفن بالتعدي على محمية، فطعن بعدم دستورية النص تأسيساً على أن الخريطة التي نص عليها قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 450 لسنة 1986 سالف الذكر لم تنشر به خريطة تحدد حدود ومعالم المحمية، وذلك على الرغم من إحالته إليها، فقضت المحكمة الدستورية بعدم دستورية نص المادة الأولى من هذا القرار تأسيساً على أن القرار المطعون فيه إذ جهل حدود المحميات الطبيعية التي يسرى عليها والتي يعتبر تعيينها مفترضا أوليا لإعمال النصوص العقابية التي تضمنها القانون المنظم لتلك المحميات من خلال ترسيم الدائرة التي تعمل فيها، فإنه يكون مفتقرا إلى خاصية اليقين التي تهيمن على التجريم.
الدستورية العليا المصرية جلسة أول أكتوبر سنة 1994 ، قضية رقم 20 لسنة 15 قضائية "دستورية"
وفي نوع مستحدث من الرقابة الدستورية على النصوص قبلت المحكمة الدستورية نظر نص تجريم مخالفة قرارات لجنة الانتخابات الرئاسية وقواعد الدعاية الانتخابية على أثر التعديل الدستوري للمادة 76 من الدستور، على سبيل الاستثناء بالرقابة الدستورية السابقة ، فتم عرض مشروع القانون المنظم للانتخابات الرئاسية على المحكمة الدستورية العليا بعد إقراره من مجلس الشعب وقبل إصداره للتأكد من دستوريته، وإعمالاً لهذا النص فقد عرض مشروع هذا القانون على المحكمة الدستورية العليا، وكان يحوى نصين يجرم الشارع بأولهما مخالفة أي قرار تصدره لجنة الانتخابات الرئاسية أو ارتكاب فعل بقصد تعطيل أو وقف تنفيذ قرارات اللجنة بالمادة 54 من المشروع، وفي ثانيهما جرم المشروع كل فعل يخالف الأحكام المنظمة للدعاية الانتخابية بالمادة 55 من المشروع.
وقد قررت المحكمة الدستورية أن النصين يعاقبان على أفعال غير محددة تحديداً دقيقاً، ومن ثم فهما يخالفان الدستور: فالنص الأول يشوبه أن لجنة الانتخابات المشار إليها تصدر قرارات عدة، لا يستوجب بعضها تقرير عقوبة جنائية عند مخالفتها، كما أنها تتفاوت فيما بينها من حيث الأهمية، مما يستلزم كذلك تفاوتاً عقابياً عند مخالفتها، أما النص الثاني، فإن المحكمة قد رأت أن عبارة (الأحكام المنظمة للدعاية الانتخابية) فيها من العمومية والشمول ما يتناقض والقواعد التي تطلبها الدستور في القوانين العقابية، وأن علة ذلك أنه يتعين أن تكون الأفعال التي تجرمها هذه القوانين محددة بصورة قاطعة بما يحول دون التباسها بغيرها، وأن تكون هذه القوانين جلية واضحة في بيان الحدود الضيقة لنواهيها، لأن التجهيل والإبهام فيها لا يجعلان المخاطبين بها على بينة من حقيقة الأفعال التي يتعين عليهم تجنبها.
قرار المحكمة الدستورية العليا بجلسة 26 يونيه سنة 2005 في شأن مشروع قانون تنظيم الانتخابات الرئاسية ، مجلة الدستورية ، العدد الثامن ، السنة الثالثة ، أكتوبر سنة 2005 ص 83-84.
وفي مفهوم غياب الركن المادي كمعيار موضوعي في التشريع أيضا، حكمت المحكمة الدستورية العليا المصرية بعدم دستورية اعتبار الحائز لتربة زراعية مرتكبا لجريمة تجريف الأرض الزراعية، حيث كان نص المادة المقضي بعدم دستوريته رقم 154 من قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966، في فقرته الثالثة، ينص على أنه: يعتبر مخالفاً في هذا الحكم كل من يملك أو يحوز أو يبيع أتربة متخلفة عن تجريف الأرض الزراعية أو ينزل عنها بأية صفة أو يتدخل بصفته وسيطاً في شيء من ذلك، ويستعملها في أي غرض.
وابتنت الدستورية حكمها تأسيساً على أن (النوايا التي يضمرها الجاني في نفسه لا يتصور أن تكون محلاً للتجريم، وأنه على محكمة الموضوع ألا تعزل نفسها عن الواقعة محل الاتهام الجنائي التي قام الدليل عليها جلياً واضحاً، بل يتعين أن تجيل بصرها فيها، منقبة من خلال عناصرها، عما قصد إليه الجاني حقيقة من وراء ارتكابها، فلا تكون الأفعال التي أتاها الجاني إلا تعبيراً خارجياً ومادياً عن إرادة واعية لا تنفصل عن النتائج التي أحدثتها، بل تتصل إليها وتقصد إليها أو على الأقل أن يكون بالإمكان توقعها.
حكم المحكمة الدستورية العليا بجلسة 16 نوفمبر سنة 1996
كما حكمت المحكمة بعدم دستورية نص المادة 48 من قانون العقوبات، التي كانت تؤثم ما أسمته بالاتفاق الجنائي في القضية رقم 114 لسنة 21دستورية، وأوردت في مدونات حكمها:
وحيث أن قضاء هذه المحكمة قد استقر علي أن شرعية الجزاء– جنائيا كان أم مدنيا أم تأديبيا– مناطها أن يكون متناسبا مع الأفعال التي أثمها المشرع أو حظرها أو قيد مباشرتها فالأصل في العقوبة هو معقوليتها فكلما كان الجزاء الجنائي بغيضا أو عاتيا أو كان متصلا بأفعال لا يسوغ تجريمها أو مجافيا بصورة ظاهرة للحدود التي يكون معها متناسبا مع خطورة الأفعال التي أثمها المشرع، فأنه يفقد مبررات وجوده ويصبح تقييده للحرية الشخصية اعتسافا .............. وحيث إن السياسة الجنائية الرشيدة يتعين أن تقوم على عناصر متجانسة، فإن قامت على عناصر متنافرة نجم عن ذلك افتقاد الصلة بين النصوص ومراميها ، بحيث لا تكون مؤدية إلى تحقيق الغاية المقصودة منها لانعدام الرابطة المنطقية بينها، تقديرا بأن الأصل في النصوص التشريعية– في الدولة القانونية– هو ارتباطها عقلا بأهدافها، باعتبار أن أي تنظيم تشريعي ليس مقصودا لذاته، وإنما هو مجرد وسيلة لتحقيق تلك الأهداف، ومن ثم يتعين دائما استظهار ما إذا كان النص الطعين يلتزم إطارا منطقيا للدائرة التي يعمل فيها، كافلا من خلالها تناغم الأغراض التي يستهدفها، أم متهاد ما مع مقاصده أو مجاوزا لها، ومناهضا– بالتالي– لمبدأ خضوع الدولة للقانون المنصوص علية في المادة 65 من الدستور، متى كان ذلك وكان المشرع الجنائي قد نظم أحكام الشروع في الباب الخامس من قانون العقوبات (المواد من 45 إلى 47) وهو الذي يسبق مباشرة الباب السادس الخاص بالاتفاق الجنائي، وكان الشروع هو البدء في تنفيذ فعل بقصد ارتكاب جناية أو جنحة إذا أوقف أثره لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها، وكان مجرد العزم على ارتكاب الجريمة أو الأعمال التحضيرية لذلك لا يعتبر شروعا، بحيث يتعدي الشروع مرحلة مجرد الاتفاق على ارتكاب الجريمة إلي البدء فعلا في تنفيذها وكان الشروع غير معاقب علية في الجنح إلا بنص خاص، أما في الجنايات فإن عقوبة الشروع تقل درجة عن العقوبة المقررة لارتكاب الجناية أو بما لا يزيد علي نصف الحد الأقصى للعقوبة المقررة للجريمة التامة، فإذا أعقب المشرع تلك الأحكام بالنص في المادة 48 علي تجريم مجرد إرادة شخصين أو أكثر علي ارتكاب أي جناية أو جنحة أو علي الأعمال المجهزة أو المسهلة لارتكابها أو الجنحة محل الاتفاق، فانه يكون منتهجا نهجا يتنافر مع سياسة العقاب علي الشروع ومناقضا– بالتالي – للأسس الدستورية للتجريم.
حكم المحكمة الدستورية العليا المصرية بجلسة: 2/6/2001، في القضية رقم 114 لسنة 21دستورية.
وقد يتمثل الركن المادي في صورة سلبية تعرف بالامتناع، فيعد ركنا ماديا للجريمة الامتناع عن إتيان فعل توجبه الظروف أو الواجب المنوط بالجاني، ومن أشهر قضايا الامتناع المعاصرة، قضية العبارة السلام التي راح ضحيتها أكثر من ألف نفس، والتي كان الركن المادي في تجريم بعض المتهمين بها هو الامتناع عن الإبلاغ للنجدة أو الامتناع عن النجدة في الوقت المناسب.
وكذلك في تجريم فعل الامتناع عن إزالة أعمال البناء المخالفة، لأن الشارع يجرم إقامة أعمال البناء بغير ترخيص، كما يعد اعتبار الامتناع عن إزالتها أو تصحيحها فعلاً مجرماً استقلالا، وقد رتب الشارع تقرير مسئولية الخلف العام أو الخاص عن تنفيذ ما ألزم به سلفه، على أن تبدأ المدة المقررة للتنفيذ من تاريخ انتقال الملكية -المادة 24 من قانون توجيه وتنظيم أعمال البناء رقم 106 لسنة 1976- وقد طعن على تجريم الامتناع عن إزالة أو تصحيح الأعمال المخالفة بعدم دستوريته تأسيساً على غموض النص العقابي، لكون تطبيقه رهن بتحقق الامتناع عن تنفيذ الحكم أو القرار النهائي، وأن الغرامة المفروضة غير مقيدة زمنياً بقيد ما، وأن حكم هذه المادة يمتد في حق الخلف العام والخاص وهما غير مسئولين عن الجريمة، وأنه لا يجوز إيقاع جريمة في غيبة نشاط إجرامي لا يتخذ مظهراً مادياً، إذ أن الامتناع عن التنفيذ تتمثل مادياته في الآثار التي رتبها فعل سابق عرض أمره من قبل على القضاء، ولكن المحكمة الدستورية العليا قضت بأن جريمة إحداث أعمال معيبة تستقل بأركانها والفعل المادي فيها عن جريمة الامتناع عن إزالتها أو تصحيحها، فبينما تستنفذ الجريمة الأولى موضوعها بعد تدخل الجاني إيجابياً ليقيم هذه الأعمال، فإن ثانيتهما تفترض أن يكون الامتناع عن إزالتها أو تصحيحها نشاطاً سلبياً قصد به الجاني أن يبقيها على حالها دون تغيير، وأن استقلال هاتين الجريمتين عن بعضهما البعض مؤداه أن لكل منهما مقوماتها، ولا يعتبر الفصل في إحداهما قضاء في ثانيتهما ........ وانتهت إلى رفض الطعن، لصحة توافر الركن المادي عند التعيير الدستوري متمثلا في فعل الامتناع.
حكم المحكمة الدستورية العليا المصرية جلسة 5 يوليه سنة 1997 ، القضية رقم 24 لسنة 18 قضائية دستورية
وهناك صورة أخرى من صور ضبط إحاطة الصياغة ببيان الركن المادي للجريمة، وهو متعلق بالجرائم الغير عمدية، حيث يعتمد الشارع في نصوصها على إبراز الخطأ الغير عمدي، وهو الخطأ الذي تخلف عنه القصد، ولا يمس البحث هنا الركن المعنوي بل ينصب على الركن المادي لأن الخطأ في الجرائم الغير عمدية هو الركن المادي لها.
ومن أمثلة النصوص التي قضي بعدم دستوريتها لهذا السبب، نص المادة 18 من القانون رقم 10 لسنة 1966 بشأن مراقبة الأغذية وتنظيم تداولها حيث كانت تقرر عقوبة تقوم على مجرد مخالفة أحكام المواد 2، 10، 11، 12، 14، 14 مكررا من هذا القانون، إذا كان مقارفها حسن النية، فوفقاً لهذه النصوص فإن تداول الأغذية التي يقوم الدليل على غشها أو عدم صلاحية صلاحيتها، يشكل جريمة حتى ولو كان الجاني حسن النية لا يعلم بغشها أو عدم مطابقتها للمواصفات، وقد طعن بعدم دستورية هذا التجريم ، وقد قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم الدستورية تأسيساً على أن (الجرائم الغير عمدية لا تقوم إلا على الخطأ، وأن صوره على اختلافها يجمعها معيار عام يتمثل في انحرافها عما يعد سلوكا معقولا للشخص المعتاد، وأن هذه الصور على تعددها، تتباين فيما بينها سواء في نوع المخاطر التي تقارنها، أو درجتها، ويتعين بالتالي أن يتدخل المشرع ليحدد ما يكون منها مؤثما في تقديره، مع بيان عناصر الخطأ في كل منها تعريفا بها، وقطعا لكل جدل حول ماهيتها، توقيا لالتباسها بغيرها، وتعيينا جليا لما ينبغي على المخاطبين بالنصوص العقابية أن يأتوه أو يَدعَوه من أفعال، إذ لا يجوز لمثل هذه النصوص، أن تُحَمل الناس مالا يطيقون، ولا أن تؤاخذهم بما يجهلون، ولا أن تمد إليهم بأسها وقد كانوا غير منذرين، ولا أن تنهاهم عما ألبس عليهم، وإلا قام التجريم فيها على أساس من الظن والإبهام ............، وكان تحديد مضمون الأفعال أو مظاهر الامتناع التي تقوم عليها هذه الجرائم، من خلال بيان عناصر الخطأ، بما ينفي التجهيل بها، ضرورة يقتضيها اتصال هذا التجريم بالحرية الشخصية ... وكان النص المطعون فيه قد قرر جزاء جنائيا في شأن متهم حسن النية وعن صور من الخطأ قَصُرَ عن تعيينها من خلال عدم تحديد عناصرها.
الدستورية العليا جلسة 2 ديسمبر سنة 1995 القضية رقم 28 لسنة 17 قضائية المحكمة الدستورية العليا دستورية.
• ثانيا: تعيير الركن المعنوي في تعيين الجريمة:
تقتضي فكرة التجريم إضافة إلى مطلب توافر الفعل المادي أو الحالة الإجرامية، تعلق الإثم بنية الجاني، وهو ما يعرف بمقارفة الخطيئة نفسيا، وعلى الرغم من تصنيف الفقه لنوع من الجرائم باعتبارها جرائم مادية صرفا، إلا أن القصد الجنائي هو المعول عليه عمليا عند التشريع وصياغة النصوص العقابية، وعلى تداخل القصد الجنائي مع ما يشف عن وجوده من مظاهر مادية يستظهر بها القاضي درجة ضلوع الجاني في الإثم، إلا أن القصد الجنائي كركن معنوي يظل عالقا بالنية، وبه يوضع الجاني في درجة إجرامية بذاتها، فشتان بين قاتل حكم جريمته ظرف مضارع للحدث، وبين آثم حاك وتربص وعقد العزم والإصرار، فالأخير أبعد ضربا في المسلك الإجرامي، وأولى بالعقوبة الأشد، ذلك رغم أن الفارق بين الجانيين يحدده مستوى اعتمال الجريمة بالنفس وهي مسألة تجنها طوية الجاني، وعلى القاضي أن يجتهد في استظهارها من دلالات السلوك الإجرامي بفعل الجاني، ولأن هذا الركن المعنوي لازم لقيام الجريمة وتحديد درجتها وداخل بالتالي في تحديد قدر العقوبة الملائمة، فقد صار مطلبا دقيق الضبط عند التشريع ومن ثم فهو معيار شائك يقيس به الشارع السلوك المبغي تجريمه، والعقوبة المكافئة له، ومن بعد رقابة المحاكم الدستورية على النصوص، وقد أوجد التطبيق بونا واسعا في التناول التشريعي وفقا لهذا المعيار، حيث قضي بعدم دستورية نصوص لافتقاد القصد الجنائي فيها، وتخلف حالة الإثم عند المحكوم بالنص.
ومن هذه النصوص المقضي بعدم دستوريتها المادة 195 من قانون العقوبات، التي كانت تفترض مسئولية جنائية في جانب رئيس التحرير في الصحيفة، عن كل ما ينشر بها، جنبا إلى جنب مع المحرر المسئول الذي قام بالتحرير ووقع على ما كتبه، وإبان رئاسة الصحفي (مصطفى بكري – لتحرير جريدة الأحرار) طعن دفاعه على هذا النص أمام محكمة قصر النيل الجزئية الجنائية (دائرة الجنح) وأحالت المحكمة النص إلى المحكمة الدستورية التي قضت بدورها بعدم دستورية النص، وجاء حكمها وثيقة تاريخية في الحريات والرأي، والأطر التي على الشارع مراعاتها عند التجريم، ومما جاء بعبارات ذلك الحكم:
وحيث أن الأصل في الجرائم العمدية جميعا أنها تعكس تكوينا مركبا باعتبار أن قوامها تزامنا بين يد اتصل الإثم بعملها وعقل واع خالطها، ليهيمن عليها ليكون محددا لخطاها متوجها إلى النتيجة المترتبة على نشاطها فلا يكون القصد الجنائي إلا ركنا معنويا في الجريمة مكملا لركنها المادي ومتلائما مع الشخصية الفردية في ملامحها وتوجهاتها، وهذه الإرادة الواعية هي التي تتطلبها الأمم المتحضرة في مجال التجريم بوصفها ركنا في الجريمة وأصلا ثابتا كامنا في طبيعتها وليس أمرا فجا أو دخيلا مقحما عليها أو غريبا عن خصائصها ذلك أن حرية الإرادة تعني حرية الاختيار بين الخير والشر - ولكل وجهة هو موليها - لتنحل الجريمة في معناها الحق إلى علاقة مابين العقوبة التي فرضها المشرع والإرادة التي تعتمل فيها تلك النزعة الإجرامية التي يتعين أن يكون تقويمها ورد آثارها بديلا عن الانتقام والثأر من صاحبها، وغدا أمرا ثابتا وأصلا عاما ألا يجرم الفعل ما لم يكن إراديا قائما على الاختيار الحر ومن ثم مقصودا.
وحيث أن المشرع وإن عمد أحيانا من خلال بعض اللوائح إلى تقرير جرائم عن أفعال لا يتصل بها قصد جنائي باعتبار أن الإثم ليس كامنا فيها ولا تدل بذاتها على ميل إلى الشر والعدوان ولا يختل بها قدر مرتكبها أو اعتباره وإنما ضبطها المشرع تحديدا لمجراها وأخرجها بذلك من مشروعيتها وهي الأصل وجعل عقوبتها متوازنة مع طبيعتها وأن ما توخاه المشرع من التجريم في هذه الأحوال هو الحد من مخاطر بذواتها لتقليل فرص وقوعها، وإنما القدرة على السيطرة عليها والتحوط لبرئها فلا يكون إيقاع عقوبتها معلقا على النوايا المقصودة من الفعل ولا على تبصر النتيجة الضارة التي أحدثها إلا أن الجرائم العمدية ينافيها استقلال هذا القصد عنها إذ هو من مكوناتها فلا يقوم إلا بها ، وحيث أن ما تقدم مؤداه أن الفارق بين عمدية الجريمة وما دونها يدور أصلا بوجه عام حول النتيجة الإجرامية التي أحدثتها، فكلما أراد الجاني وقصد إليها موجها جهده لتحقيقها كانت الجريمة عمدية فإذا لم يقصد إلى إحداثها بأن كان لا يتوقعها أو ساء تقديره شأنها فلم يتحوط لدفعها ليحول دون بلوغها فإن الجريمة تكون غير عمدية يتولى المشرع دون غيره ببيان عناصر الخطأ التي تكونها وهي عناصر لا يجوز افتراضها ولا انتحالها ولا نسبتها لغير من ارتكبها ولا اعتباره مسئولا عن نتائجها ........... ولا يتصور بالتالي أن تتمخض هذه الجريمة عن إهمال يقوم مقام العمد فلا يكون ركن الخطأ فيها إلا انحرافا عما يعد وفقا للقانون الجنائي سلوكا معقولا للشخص المعتاد، بل هي جريمة عمدية ابتداء وانتهاء لا تتوافر أركانها ما لم يكن رئيس التحرير حين إذن بنشر المقال المتضمن قذفا وسبا كان مدركا أبعاده واعيا بآثاره قاصدا إلى نتيجته ، واعتبار رئيس التحرير فاعلا أصليا لجريمة عمدية ومسئولا عن ارتكابها لا يستقيم مع افتراض القصد الجنائي بشأنها، وإلا كان ذلك تشويها لخصائصها.
الحكم رقم: 59 لسنة18ق دستورية
وحري بالتنويه عنه أن الشارع قد أعاد النص على مضمون صياغة المادة 195 عقوبات في نص مستحدث برقم 200 مكررا /1/فقرة 2/ المضافة بالقانون 147 لسنة 2006، وقدر الله أن يمثل متهما بهذا النص في باكورة تطبيقه (محمود مصطفى بكري- رئيس التحرير التنفيذي لجريدة الأسبوع المصرية)، فقام دفاعه (الأستاذ/ علي عبد العزيز- المحامي) بالطعن بعدم دستورية النص أمام محكمة جنح أول طنطا، وصرحت له المحكمة باتخاذ إجراءات الطعن، وبالفعل قد تم الطعن على النص المستحدث أمام المحكمة الدستورية العليا بالطعن رقم 139 لسنة 29 ق دستورية، وقد قيد الطعن أمام المحكمة الدستورية بتاريخ: 30/5/2007، ولا زال قيد النظر في طور ترقب تقرير هيئة المفوضين، ومن ا لمرجح أنه سيقضى بإلغاء النص.
ومن الغريب أن المحكمة الدستورية رغم إرسائها لمبدأ ضرورة استظهار مخالطة الإثم لنفس الجاني عند التجريم تشريعيا، كما يبين من الحكم آنف البيان، إلا أنها في أحكام أخرى أفسحت الطريق أمام المشرع في عدم التعويل على إثمية الخاطر اكتفاء بتجاوز الفعل المادي حدود وحرمات الجماعة، ولوقوع فيما يشكل خطرا عليها، حتى أن المحكمة الدستورية صرحت في بعض أحكامها بأنه: من شأن تطلب الركن المعنوي في هذا النوع من الجرائم أن يعطل أغراض التجريم ، وأن سند مسئوليته عن الفعل الضار الذي ارتكبه هو أنه كان باستطاعته توقى ارتكابه، وما قالته المحكمة في ذلك يمكن أن يقبل في تقرير المسئولية المدنية، أما المسئولية الجنائية فهي تنهض على حقائق ولا تركن إلى افتراضات. ومن ناحية ثانية فإن أغراض التجريم تتطلب أيضاً أن تكون إرادة الجاني آثمة، لأنه يتنافى مع هذه الأغراض أن يؤخذ المرء لمجرد ارتكابه فعلاً مادياً تجرد من الإثم، لأن هذا الإثم هو محل لوم القانون.
وبين هذا وذاك يظل الركن المعنوي مطلبا ملحا للكشف عن حتمية توافره في الجريمة لدى تقنينها وتقنين العقوبة عليها، ولا ينكر المشرع أو الفقهاء الدستوريين من قضاة الدستورية ورجال القانون كافة أهمية الركن المعنوي في بناء الجريمة والتعويل عليه في توصيف الجريمة ورسم العقوبة لها، فضلا عن استقرار القضاء الموضوعي على أنه لا جريمة بغير ركن معنوي ، سواء أكانت صورة هذا الركن هي العمد أم الخطأ.
• ثالثا: تعيير العقاب المكافئ والرادع والعادل بذات الوقت لكل جريمة:
التلاؤم بين الجريمة والعقاب مبدأ عرفته النظم العادلة منذ فجر التقنين، وتواترت على إرسائه كافة الأنظمة القانونية الدستورية، وأكدت المحكمة الدستورية العليا المصرية هذا المبدأ مقررة أن سلطة المشرع في العقوبة ليست مطلقة وإنما هي كغيرها من السلطات مقيدة باحترام الصالح العام، ويقتضي احترام الصالح العام عدم الجور على الحريات أو البغي على حقوق الأفراد، وليس هناك أشد بغيا على هذه الحقوق من عقوبة تعصف بالحماية الدستورية لهذه الحقوق، فالغلو في العقاب يمثل عدوانا بالغا على أمن المواطنين لا يجوز لأي سلطة مهما كانت أن تفعله ولو كانت سلطة التشريع ذاتها.
كذلك فإن الشريعة السماوية كرست فكرة العقوبة المناسبة، وذلك أخذا من قول الله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (45) سورة المائدة
كما أن التشريع السماوي قد أرسى فكرة عقوبة الحدود، في جرائم الحدود، فتدرجت من الجلد وحتى الرجم، كما صنف علماء الشريعة وفقهاؤها من قديم عقوبات أخرى بالتعذير، وتدرجت العقوبات شدة في التعذير حتى أنها تصل لحد الإعدام في بعض الحالات، وقد عرفت عقوبة تقييد الحرية أيضا من قديم، ويأتي على رأس النزلاء بالسجون وخيرهم سيدنا يوسف بن يعقوب، كما أنه ثبت أن عمر بن الخطاب قد حبس الحطيئة الشاعر تعذيرا لانفلات لسانه بالهجاء في عباد الله، وتشهد بصدق الواقعة تلك الأبيات التي أرسلها الحطيئة من محبسه لعمر قائلا فيها:
ماذا تقول لأفراخ بذي مـرخ *** زغب الحواصل لا ماء ولا شجر
ألقيت كاسبهم في قعر مظلمة *** فاغفر، عليك سلام الله يا عمـر
كما عرف التاريخ واستهجن مسلك الحاكم الجائر الذي يشط بالعقوبة ويخرج عن مدى التناسب بين الجريمة والعقاب، وأشهر من فعل ذلك عند العرب (الحجاج بن يوسف الثقفي)، حين أعمل بطشه في بالبصرة، ومن ذلك قوله في قواعد حكمه التي فرضها بخطبته المشهورة: (لو أني استعملت أحدكم من أمسه فلم يخرج في غده لقطعت عنقه، ولو أني أمرت أحدكم أن يخرج من باب المسجد هذا فخرج من هذا لقطعت عنقه).
وعلى هدي من الأسس التي أتت بها شريعة الله واستقرت عليها النظم البشرية، قامت فكرة التناسب بين العقوبة والجريمة، وينظم الباب الرابع من الدستور المصري سيادة القانون، إلا أنه يترك مجال تحديد العقوبة للقانون بحسب كل جريمة، فلا يحدها بقالب أو نص لتعذر ذلك دستوريا، لأنه حتى في حالة وضع مبدأ دستوري بضرورة تناسب العقوبة مع الجريمة، سيظل المبدأ فضفاضا معتمدا على تقدير المشرع لذلك، ومن ثم عد الشارع الدستوري ذلك تزيدا لا موجب له لانتفاء فائدته وتخلف قوته الإلزامية، وتستفتح التشريعات العقابية نصوصها بتقسيم الجرائم، ويرتكز التقسيم للجرائم على جسامة الجريمة، ويتخذ القانون معيارا لجسامة الجريمة بغلظ العقوبة المقننة لكل نوع من الجرائم، فتتدرج العقوبة من الغرامة المالية والحبس ليوم واحد مثلا للمخالفة، مرورا بالحبس والحبس مع الشغل أو الحبس مع الشغل المقترن بالغرامة في الجنح، ثم تغليظا إلى السجن، وما يليه غلظا حتى الإعدام في الجنايات، ولا يغيب عن البحث أن العرف التشريعي في كل الدول قد درج على وضع حد أدني للعقوبة على الجريمة وحد أقصى للعقوبة عليها بذاتها، ولا يخفف من شطط مشروعات القوانين العقابية في العقوبة سوى صمامان، أولهما ضمائر النواب لدى مناقشة القانون، فكثيرا ما يحتج نواب الشعب على تغليظ عقوبة ويصرون على تعديل المشروع إلى النص على العقوبة المناسبة، أما الصمام الثاني فهو التطبيق القضائي، بما أوتي القضاء من سلطة تقديرية للعقوبة، فللقاضي أن ينزل بالعقوبة لحدها الأدنى المنصوص عليه، كما له أن يخترق هذا الحد فينزل بالعقوبة إلى مستوى العقوبة الأدنى، لحد يدخله أحيانا في وقف تنفيذ العقوبات المقيدة للحرية.
وترتيبا على ذلك فإن السلطة الرقابية للمحكمة الدستورية على تناسب العقوبة مع الجريمة لا وسيلة لتفعيلها، حيث تقف سلطتها عند تقدير قيام الجريمة وانطباقها على الوصف الوارد بالنص بإنزال المعايير سالفة البيان من مراعاة النص لشروط الركنين المادي والمعنوي، مفسحة المجال في تقدير العقوبة لكل من السلطة التشريعية وسلطة قاضي الموضوع.
وبذلك يتحول مفهوم المعايير الضابطة للعقوبة إلى مفهوم الضمانات الضابطة للعقوبة، وصولا إلى إنزال العقوبة بالقدر المناسب للجريمة على الجاني، تحقيقا لفكرة العدالة المستهدفة، إذ هي الغاية في كل الأحوال، وذلك ما يفرق بين الفقه والقضاء والتشريع في فكرة العدالة، فلعل سبل الفقه تضيق بمفهوم بذاته لاختلال المضمون عن العنوان الذي يتخذه الفقهاء بابا لدراستهم الفقهية وتنظيرهم الفكري والفلسفي، حين لا يقف القضاء أو التشريع عند هذه العناوين ويمضي سالكا سبلا أخرى لتحقيق العدالة.
ويظل قبل وبعد كل ما يثار في مسألة التشريع العقابي، تسليم بأن ما يحكمها ضمائر أفراد أُوكل لهم في عدة مواقع سن القانون وتطبيقه، فتتلاقى حكمة ضمائرهم حول العدالة كهدف منشود فيما ينصهر بشكل موحد هو الضمير القانوني والقضائي العام للأمة، وهو المعيار الأسمى والضمانة الكبر لتحقيق العدالة.
• بعض الضوابط الإجرائية:
يثور لدى التصدي للنظر بالضوابط الإجرائية لتشريع التجريم والعقاب، التطرق لذكر بعض الوسائل التي تلجأ إليها حكومات للالتفاف على المصدر الدستوري للتشريع، وأبرز هذه الوسائل إخضاع الحاكم بقرار منه مواطنيه لأحكام عرفية، وقوانين طوارئ، وهذا باب خلفي لإيقاع عقوبات ومساس بحريات، دون نص تجريم وعقاب على النحو المتقدم بيانه، وهي مسألة تفضح بجلاء وسائل الدولة في العصف بالمسلك الدستوري لتشريع التجريم والعقاب، وبالحريات على السواء.
والأصل أن التشريع له بابان، أحدهما عبر البرلمان صاحب السلطة التشريعية، وهو المالك الدستوري لهذا الحق أصالة، والثاني وهو باب لا ينفتح إلا في غياب مجلس التشريع البرلماني وقيام حالة ملحة فعندئذ يكون من حق الحاكم أن يصدر قرارات بقوة القوانين يسري العمل بها، على أن تعرض على المجلس البرلماني التشريعي عند عودته للانعقاد، لإجازة هذه القوانين التي صدرت بقرارات، أو لتعديلها، أو لعدم الموافقة عليها وكف العمل بها.
وللحكومة ولرئيس الجمهورية ولأعضاء البرلمان أن يتقدم أي منهم لمجلس الشعب (البرلمان) صاحب سلطة التشريع الدستوري، بمشروع قانون يجري الاقتراع عليه للموافقة من حيث المبدأ بلجنة مصغرة، ثم ينظر في صياغته أمام لجنة تشريعية دستورية متخصصة، ثم يطرح للاقتراع المفتوح أمام كامل أعضاء البرلمان للتصويت على إصداره، ولا يبق بعد ذلك سوى توقيع رئيس الجمهورية بإصداره، ونشره بالجريدة الرسمية محددا تاريخ سريانه.
ولا شك أن هذه السلسلة من الإجراءات تفي بالقدر المطلوب من الترشيح للموضوع والصياغة، وقد استحدث مؤخرا نظام عرض بعض القوانين بحسب ما تنص عليه على المحكمة الدستورية مسبقا لتحصينه من الطعن عليه لاحقا، ونرى من جانبنا أن هذا ليس دستوريا، لخرقه وحجبه لسلطة الرقابة الدستورية من تلك المحكمة على القوانين عقب إصدارها وسريانها، من ناحية، ومن ناحية أخرى، فهو لا يعد طلب تفسير ولا دعوى قضائية دستورية وفق ما تضمنه اختصاص المحكمة الدستورية بقانونها، ولا يعد ما تنص عليه القوانين التي ترغب الدولة بعرضها على المحكمة الدستورية ملزمة للمحكمة الدستورية بنظرها قبل إصدارها، لأنها تكون وقتئذ لا زالت بطور المشروع، وليست قانونا ملزما.

https://elbahith.rigala.net

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى