الباحث القانوني
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الباحث القانوني فضاء للبحث القانوني الجيد ذو المستوى العالي في كل مجالات القانون


أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

الإجراءات التى يجوز لمأمور الضبط القضائى إتخاذها حيال المشتبه فيه أو المتهم خلال مرحلة جمع الإستدلالات

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

Admin

Admin
Admin

الإجراءات
التى يجوز لمأمور الضبط القضائى إتخاذها حيال المشتبه فيه أو المتهم خلال مرحلة جمع الإستدلالات

* تمهيد وتقسيم :
كما نعلم فإن الحماية الجنائية نوعان موضوعية وإجرائية ، كما أن الحماية التى يحيط بها الشارع المصلحة أو الحق قد تكون أصلية أو تبعية ، وذلك بالنظر إلى وحدة الحق المقصود بالحماية أو تعدده 000 وكما نعلم أيضاً فإن الشرعية الإجرائية هى القاعدة الثانية من قواعد الشرعية الجنائية ، وتشترك مع سائر القواعد فى اشتراط أن يكون القانون هو المصدر لكل قاعدة تسمح بالمساس بالحرية ، وتعتبر قاعدة الشرعية الإجرائية أصلاً أساسياً فى النظام الإجرائى الجنائى لايجوز الخروج عنه ، وتقابل فى أهميتها قاعدة شرعية الجرائم والعقوبات فى قانون العقوبات 0
ومبدأ الشرعية الإجرائية يقتضى احترام الحرية الفردية المقررة بالقانون أثناء الخصومة الجنائية ، هذا وتكفل قوانين الدولة تحديد ما يتمتع به الفرد قبل الدولة من حقوق يتعين عدم التفريط فيها أثناء الخصومة الجنائية ، كما تحرص دساتير بعض الدول على تحديد أهم الضمانات التى يجب احترامها ، وخاصة ما يتعلق بالحريات العامة وحقوق الدفاع ، وترسم هذه الدساتير الخطوط العريضة للمشرع وتحدد له الإطار الذى يستطيع بداخله تنظيم إجراءات الخصومة الجنائية 0
كما تعد مرحلة الإستدلال أخطر المراحل الإجرائية وأدقها لأنها تواجه بدايةً طريقاً صعباً إلى الحقيقة قد يكون مظلماً وغير ممهد ، كما أن الجهة المنوط بها القيام بتلك الإجراءات هى أجهزة الشرطة وذلك إستكمالاً لإلتزامها الأصيل بمنع الجريمة والمحافظة على النظام والأمن العام 0
ولما كانت مرحلة الإستدلال تتسم بالسرعة ، مما يحتمل معه التفريط فى قدر كبير من ضمانات وحقوق المشتبه فيه ، بالإضافة إلى ما يمنحه القانون لرجال الضبط القضائى من سلطات ، قد تنطوى على مساس بالحرية الشخصية ، وعلى الرغم من أن إجراءات الإستدلال يجب أن تتسم بطابع المشروعية طبقاً لنصوص قانون الإجراءات الجنائية ، فإن الواقع العملى قد أثبت عكس ذلك - فى بعض الأحيان - نظراً لأن جهات الإستدلال عند قيامها بواجباتها الأصلية قد تندفع وراء شبهات قد لا تقوى بالقدر الكافى على إثبات الإتهام ، فيعملون على تثبيتها بما يحاولون جمعه من الأدلة التى قد تؤثر فى حقيقة الواقعة ، ومن ثم فى سير الدعوى الجنائية0
كما يؤكد أهمية وخطورة تلك المرحلة إغفال العديد من التشريعات الإجرائية لتنظيم إجراءات الإستدلال ، وتغليفها بالضمانات التى تتناسب مع خطورتها سواء الضمانات الشكلية أو الموضوعية المتمثلة فى تمتع المشتبه فيه بقرينة البراءة وما يتفرغ عنها من حقوق يجب مراعاتها خلال تلك المرحلة مما أثر بالسلب على نظرة الفقه ومن بعده القضاء إليها0
*حقوق الإنسان المشتبه أو المتهم ، ومدى الحماية الجنائية لها :
بالإضافة إلى حقوق الإنسان العامة والتى يجب أن تثبت لأى إنسان ، فإن هناك حقوقاً أخرى بخلاف الحقوق العامة التى يتمتع بها كافة البشر يجب أن يتمتع بها الإنسان فى حالة كونه مشتبهاً فيه أو فى حالة توجيه إتهام ما إليه ، وذلك من أجل حمايته وصون حقوقه وحريته لأنه فى هذه الحالة يكون أولى بالحماية والرعاية وبصرف النظر عن الإشتباه أو الإتهام الموجه قبله لأن المتهم برئ حتى تثبت إدانته ، وثبوت الإدانة لا يتقرر كما نعلم إلا بعد محاكمته وصدور حكم نهائى بات فى حقه ، ومن ثم فإن هذا الشخص "المشتبه فيه / المتهم " يكون فى أمس الحاجة لمعرفة حقوقه أثناء مرحلة التحرى وجمع الإستدلالات أو خلال مرحلة التحقيق الإبتدائى ، وذلك لما يتخلل هذه المراحل من إجراءات تمثل إنتهاك وإعتداء على حرية وحقوق ذلك الشخص 0
ولما كان الحكم على الشئ فرعاً من تصوره ، ولما كان الحديث عن الشئ يتوقف على معرفة ماهيته وكنهه 00 فكان من الضرورى معرفة المقصود بكلاً من المشتبه فيه ، والمتهم والفرق بينهما ومن ثم معرفة حقوق كلاً منهما 0000 00 وهذا ما سوف نراه فيما يلى :
* ماهية المشتبه فيه وحقوقه:
بدايةً نؤكد أن بحثنا فى هذا الصدد قاصر على تعريف المشتبه فيه فى قانون الإجراءات الجنائية وليس المشتبه فيه الصادر بشأنه القانون رقم 98 لسنة 1954 وتعديلاته " القانون رقم 157 لسنة 1959 ، والقانون رقم110 لسنة 1980 ، والقانون رقم 195 لسنة 1983 " والوارد تعريفه فى نص المادة 5 من القانون المشار إليه بأنه كل شخص تزيد سنه على 18 سنة وحكم عليه أكثر من مرة فى بعض الجرائم أو إشتهر عنه لأسباب مقبولة أنه إعتاد على إرتكاب بعض الجرائم أو الأفعال مثل الإعتداء على النفس أو المال أو الوساطة فى إعادة الأشخاص المخطوفين أو تعطيل وسائل المواصلات أو المخابرات أو الإتجار بالمواد السامة أو المخدرة وتقديمها للغير أو تزييف النقود أو تزوير النقد الحكومية0
* المشتبه فيه فى اللغة : يراد بالمشتبه فيه ، ماله شبه وشبه وشبيه وفيه شبه منه ، وشبهت الشئ بالشئ أقمته مقامه بصفة جامعة بينهما ، وإشتبهت الأمور وتشابهت التبست فلم تتميز ولم تظهر ومنه إشتبهت القتلة ونحوها ، وأمور مشتبهة ومشتبهة كمعظمه أى "مشكلة " ملتبسة يشبه بعضها بعضاً ، والشبهه بالضم الالتباس وشبه عليه الأمر تشبيها لبس عليه000 وشبهه عليه تشبيها خلط عليه ، وجمع الشبه شبه وهو إسم من الإشتباه ، واشتبه على الأمر خفى والتبس واشتبهت فى المسألة شككت فى صحتها 0



( 1 )
المشتبه فيه فى ظل القانون المصرى

* أولاً : الوضع فى التشريع : بإستقراء النصوص التشريعية يتبين لنا أن قانون الإجراءات الجنائية لم يتضمن تعريفاً للمشتبه فيه ، كما أنه لم يميز بينه وبين المتهم 00 بل نجده يطلق لفظ المتهم على كل شخص يكون محلاً لإجراءات الإستدلال أو التحقيق ، وذلك كما فى نص م/29 ، 34 ، 35 إجراءات0
* ثانياً : الوضع فى القضاء : عرفت محكمة القضاء الإدارى المشتبه فيه بأنه " كل من تحوم حوله شبهات توحى بأنه خطر على الأمن والنظام " 000 وعرفت محكمة النقض المتهم بأنه " كل من وجه إليه الإتهام من أى جهة بإرتكاب جريمة معينة ، فلا مانع قانوناً من أن يعتبر الشخص متهماً أثناء قيام رجال الضبطية القضائية بمهمة جمع الإستدلالات مادامت قد قامت حوله شبهه بأنه ضالع فى إرتكاب الجريمة التى يجمع بشأنها الإستدلالات " 000 كما أننا نجد أن القضاء المصرى قد أطلق لفظ " متهم " على كل شخص كان محلا لإجراءات استدلالات أو تحقيق أو محاكمة 000 وفى هذا الصدد تذهب محكمة النقض إلى أن الإشتباه فى حكم المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 حالة تقوم فى نفس خطيرة قابلة للإجرام ، وهذا الوصف فى طبيعته ليس فعلاً يحس فى الخارج ولا واقعة مادية يدفعها نشاط الجانى إلى الوجود ، وإنما افترض الشارع بهذا الوصف كمون الخطر فى شخص المتصف به ، ورتب عليه محاسبته وعقابه عنه ، فإذا بدر من المشتبه فيه بعد الحكم عليه بوضعه تحت مراقبة الشرطة فعل يؤكد خطورته كان هذا الفعل وحده كافيا لإعتباره عائداً لحالة الإشتباه مستحقاً للعقوبة المفروضة فى الفقرة الثانية من المادة السادسة 0
* ثالثاً : الوضع فى الفقه : نجد فى الفقه تمييز واضح بين المشتبه فيه والمتهم 00 وقد عرف المشتبه فيه بأنه " من قدم ضده بلاغ أو شكوى أو أجرى بشأنه مأمور الضبط القضائى بعض إجراءات الإستدلال أو التحريات " ، كما أن الأستاذ الدكتور/ عوض محمد عوض يعرف المشتبه فيه بأنه " هو من قامت قرائن حال على أنه ارتكب جريمة ، وأضاف بأن الإشتباه فى حد ذاته غير مؤثر ما لم يتحول إلى اتهام " ، ويرى البعض من الفقهاء أن المشتبه فيه "هو من يتخذ قبله مأمور الضبط القضائى إجراء من إجراءات الإستدلال أثناء ممارسته لسلطته الأصلية مثل جمع المعلومات أو إجراء التحريات أو الإستيقاف أو التحفظ فى حالة توافر دلائل كافية فى هذا الصدد " 000 كما يعرفة البعض بأنه " هو الشخص الذى أحاطت به دلائل قوية على أنه مرتكب للجريمة الجارى البحث عنها أو ساهم فيها ، أو الذى يضع نفسه طواعية موضع الشك والريبة ، مما يسلتزم تدخل الجهات المختصة للكشف عن حقيقته " 0
ويترتب على ذلك أن أى إجراء من إجراءات الإستدلال كالسؤال والتحفظ والتحرى يتخذه مأمور الضبط القضائى فى سبيل التأكد من الشبهات التى أحاطت بالشخص ومدى علاقته بالجريمة يعد مشتبهاً فيه ، أما غير ذلك من إجراءات فلا ينطبق عليه هذا الوصف0
هذا ما يدفعنا إلى أن الشخص الذى تتجمع ضده دلائل قوية على أن له ضلعاً فى الجريمة ، ولو أثناء سير إجراءات التحقيق ، وطلب جهات التحقيق من مأمورى الضبط القضائى جمع التحريات المؤكدة لهذه الدلائل يعد مشتبه فيه0 وفى هذا الفرض لا يعد ذلك ندباً ، ولكن لو طلبت جهات التحقيق من مأمور الضبط القضائى القبض أو تفتيش من تجمعت ضده الدلائل القوية يعد ذلك ندباً ، ومن ثم يكون الشخص فى هذه الحالة متهماً0

( 2 )
المشتبه فيه فى ظل القانون الفرنسى
* أولاً : الوضع فى التشريع : لم يقم المشرع الفرنسى بتحديد مفهوم المشتبه فيه أو وضع تعريف له، فقانون تحقيق الجنايات والقانون الصادر عام 1897 لم يعرف المشتبه فيه ، كما لم يضع ضابطاً للتمييز بين المشتبه فيه والمتهم ، وإن كان هناك رأى يرى أنه على الرغم من أن المشرع الفرنسى لم يميز صراحة فى المرسوم الصادر سنة 1903 بين المشتبه فيه والمتهم إلا أن هذا الرأى يرى أن المشرع قصد التعبير عن المشتبه فيه بإستخدام لفظ L'inculpe للتعبير عن أنه شخص يشتبه فى أنه قد إرتكب مخالفة أو جنحة أو جناية فى حين إستخدم لفظ Le Prevenu للتعبير عن كل شخص تتخذ ضده الإجراءات بإعتباره متهماً بإرتكاب جنحة ، وأطلق تعبير L'accuse على كل شخص تتخذ ضده الإجراءات بإعتباره متهماً بإرتكاب جناية 000 إلا أنه رغم ما سبق قام المشرع فى سنة 1958 بإصدار مرسوم جديد ميز فيه صراحة بين المشتبه فيه والمتهم ، وكذا ميز بين المرحلة السابقة على الإتهام ومرحلة الإتهام وأطلق عليها الإشتباه ووصف الشخص فيها بالمشتبه فيه أى الشخص الذى لا ينطبق عليه وصف من الأوصاف السابق ذكرها فى تشريع عام 1903 ، كما أننا نلحظ أن المشرع الفرنسى أقام أيضاً مرحلة وسطى بين الإشتباه والإتهام وهى مرحلة الشاهد المشتبه فيه0
* ثانياً:الوضع فى القضاء: لم يضمن قانون تحقيق الجنايات أو قانون الإجراءات الجنائية الفرنسى تعريفاً للمشتبه فيه أو المقصود بالإشتباه فى مرحلة الإستدلال ، ورغم هذا يرجع الفضل للقضاء فى وضع أساس التفرقة بين المتهم والشاهد كى لا يحرم من الضمانات القانونية التى كفلها له القانون0
* ثالثاً : الوضع فى الفقه : عرف الفقة قديماً المشتبه فيه بأنه الشخص الذى يقع بين الشاهد والشخص القابل للإتهام ، وأنه هو الذى ترجح ضده شبهه أو أكثر والشبهه هى إعتقاد مسبب بعناصر مادية ينبنى عليها أن يكون الشخص متهماً بإرتكاب جريمة أو مساهماً أو شريكاً فيها ، وهذا التعريف يستبعد الإشتباه الغير قائم على أدلة مادية بحيث إذا كانت ضعيفة بسيطة فإنها لا ترقى لمرتبة الإتهام 000 وحديثاً عرف الفقه المشتبه فيه بأنه الشخص الذى لم يتخذ ضده أى إجراء من إجراءات التحقيق وعليه يظل الشخص مشتبه فيه حتى ولو قام البوليس بإتخاذ إجراءات ضده مثل الإستيقاف أو التحرى أو التحفظ عليه أو سماع أقواله طالما لم يتم إتخاذ أى إجراء من إجراءات التحقيق الإبتدائى مثل القبض أوالتفتيش حياله 0
- ويفرق الفقه الفرنسى بين كلاً من :
• الموضوع تحت الإشتباه
• والمشتبه فيه
حيث يعد التعبير الأول مرحلة سابقة على الثانى وممهدة له ، فإذا ما تأكدت الشبهات والدلائل التى أحاطت بالشخص فى التعبير الأول لدى القائم بالإجراء يعد الشخص Suspect أى مشتبهاً فيه ، ويعامل على هذا الأساس ، ويجب أن يتمتع بالضمانات ، ولا يسأل على أنه شاهد 000 وثمة رأى يرى أن الشخص المتحفظ عليه لا يعد مشتبهاً فيه ، وإنما هو مجرد شاهد أو شخص أحاطت به الشبهات التى لا ترقى إلى أن يصبح مشتبهاً فيه 0

( 3 )
المشتبه فيه فى ظل قوانين الولايات المتحدة الأمريكية

*أولاً : الوضع فى التشريع : فرق المشرع الأمريكى بين حالة الإشتباه والإتهام ، كما عرف المشتبه فيه والمتهم فأطلق على الأول إسم Suspect ، أما الثانى فأطلق عليه إسمAccused وحالياًCriminal defendant 000وقد أوضحت م/2 من قانون القبض الموحد الصادر سنة 1941 المقصود بالشخص المشتبه فيه بأنه الشخص الذى يستوقف من أجل معرفة هويته والمعلومات المتعلقة به أو تفتيشه تفتيشاً ظاهرياً ، وحجزه إذا إقتضى الأمر وقد حدد المشرع مدة الإستيقاف بساعتين يقرر بعدها إما الإفراج عن المشتبه فيه أو توجيه إتهام محدد إليه تمهيداً لعرضه على قاضى التحقيق بعد حجزه 000 كما أن المشرع لا يسبغ صفة المتهم على المشتبه فيه إلا عندما يبدأ معه القاضى فى التحقيق فعندها فقط يسمى متهماً00 وهذا لا يتحقق إلا إذا قام لدى القاضى إعتقاد كاف أو سبب معقول لإتهامه 000وفى ظل القانون الأمريكى،فان الإعتماد على تحديد صفة المشتبه فيه قائم على معيار الإجراء الذى يمكن إتخاذه حياله ، دون أن يتعرض هذا القانون لتعريف المشتبه فيه رغم إستعماله لهذا المصطلح ، حيث يخضع لإجراء الاستيقاف للاجابة على بضعة أسئلة وخضوعه للتفتيش السطحى ، وأنه إذا تم إحتجازه ، فلا تتجاوز مدة إحتجازه لهذا الغرض عن مدة ساعتين 0
* ثانياً : الوضع فى التشريع : فى القضاء الأمريكى نجد أن المحكمة العليا تعتبر إلتزام الشرطة بتبصير الشخص بحقوقه كالحق فى الصمت والإستعانة بمحامى قبل سماع أقواله حداً فاصلاً بين إعتبار هذا الشخص متهماً أو مشتبهاً فيه 00 وإعمالاً لما سبق ذكره نجد إدارة شرطة نيويورك قد أعدت قائمة بالإخطارات الهامة لكل مشتبه فيه قبل بدء إستجوابه وذلك تفادياً لبطلان هذا الإستجواب0
وفى إطار ما سبق نلمح فى هذا الصدد عدة حقوق أساسية بالإضافة إلى الحقوق العامة التى يتمتع بها كافة البشر يجب أن يتمتع بها المشتبه فيه فى مرحلة الإستدلال والتحرى من بينها مايلى : -
1. الحق فى الصمت
2. الحق فى الكذب
3. الحق فى العلم بالوقائع المنسوبة إليه
4. الحق فى العلم بنوع التحقيق الذى يجرى معه
5. الحق فى الإستعانة بمحامى

* ماهية المتهم وحقوقه :
المتهم وفقاً للمفهوم الواسع هو كل شخص تتخذ ضده إجراءات الدعوى الجنائية بمعرفة السلطات المختصة أو الذى يقدم ضده شكوى أو بلاغ متضمناً إتهامه بإرتكاب جريمة 000 ووفقاً لهذا التعريف يعد متهماً كل من قبض عليه ، أو صدر ضده أمر بضبطه واحضاره أو من ينسب إليه ارتكاب جريمة ، ولو فى محاضر الاستدلالات ، أو من تجرى بشأنه تحريات ، أو المبلغ ضده أو من وجه إليه إتهام من قبل جهات التحقيق0
* المتهم فى اللغة : وردت كلمة التهمة فى لغة العرب وذكروا أنها تكون بسكون الهاء وفتحها ، وهى تعنى الظن ، وقيل الشك والريبة ، فيقال إتهم الرجل واتهمه وأوهمه ، ويقال إتهمه فى قوله أى شك فى صدقه 00 وجمع تهمة تهم وتهمات وأصلها وهمة من الوهم ، والوهم معناه الغلط فيقال وهمت فى الحساب أى غلط فيه وسهوت 000 كما عرف المتهم ( وهو إسم مفعول من الفعل إتهم – يتهم – إتهاماً ) بأنه شخص معين ظن به ، فشك فى صدقه فرمى بتهمة 0000وقد جاءت فى بعض المواضع فى القرآن الكريم كقوله تعالى : بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ " 0
" صدق الله العظيم "
والخلاصة مما سبق أن المتهم فى اللغة هو من أدخلت عليه التهمة ونسبت إليه فيقال إتهم فلاناً بكذا أى ظننت فيه فهو متهم0
* المتهم فى الإصطلاح : هو من نسبت إليه جريمة فى مجلس القضاء لطلب حق بما قد يتحققه المطالب لنفسه وبما يتعذر إقامة الشهادة غالباً ، ويطلق بعض الفقهاء كلمة المتهوم على المتهم وهم يعبرون بذلك إذا كان الناظر الذى رفع إليه المتهم هو الوالى كما يظهر ذلك جلياً من كلامهم 000 والمتهم يعرفه البعض بأنه " كل شخص أقامت سلطة التحقيق الدعوى الجنائية ضده أمام القضاء " ، كما يعرفه البعض بأنه " من توافرت ضده أدلة أو قرائن قوية لتوجيه الإتهام إليه وتحريك الدعوى الجنائية قبله " ، ويعرفه بعض آخر بأنه " من أقيمت ضده الدعوى العمومية أو من اتخذت ضده بواسطة أحد أعضاء السلطة العامة إجراءات ترقى إلى إسناد فعل أو إمتناع إليه إذا ترتب عليها تقييد حريته أو كانت تهدف إلى إثبات إدانته " ، ويعرفه Henkel بأنه " كل شخص تثور ضده شبهات بإرتكابه فعلاً إجرامياً يخضعه لإجراءات يحددها القانون " ، ويعرفه البعض بأنه" لا يعتبر متهماً من قدم ضده بلاغ أو شكوى أو إجراءات بشأنه وقام عضو الضبط القضائى ببعض التحريات أو الإستدلالات حيث يعد مشتبها فيه وليس متهما " ، كما ذهب البعض إلى أن الإتهام لابد أن يستند إلى أدلة كافية وقرائن قوية تشير بصورة جدية إلى أن الشخص هو مرتكب الجريمة وعلى هذا الأساس فإن المتهم " هو من تتوافر ضده دلائل ثابتة وقرائن قوية تكفى لتوجيه الإتهام إليه وتحريك الدعوى الجنائية ضده " 0
- هذا ويشترط فيمن يوجه إليه إتهام " المتهم " عدة شروط هى :
• أن يكون شخصاً طبيعياً (كائن حى) على قيد الحياة ومعين بشخصه0
• أن يكون شخصاً بالغاً وعاقلاً يتمتع بأهلية الإجراءات ومتمتعاً بالإدراك والشعور وقت تحريك الدعوى الجنائية0
• أن يكون منسوباً إليه المساهمة فى إرتكاب جريمة0
• أن يكون خاضعا للقضاء الوطنى 0
- وبمجرد إنطباق وصف " المتهم " على شخص ما يترتب له حقوق عديدة نذكر من بينها ما يلى :
• حقه فى الإستعانة بخبير استشارى 0
• حقه فى حضور جميع إجراءات التحقيق إلا فى حالة الضرورة التى تقتضى غير ذلك شريطة إطلاعه على ما جرى فى غيبته فور إنتهاء تلك الضرورة 0
• حقه فى طلب ندب قاضى للتحقيق معه0
- كما يقع عليه أيضاً بعض الواجبات مثل :
• الخضوع لمتطلبات التحقيق معه ومحاكمته وإنفاذ العقوبة0
• الخضوع للأوامر الصادرة بتفتيشه ، وتفتيش مسكنه أو التحفظ عليه أو
• حبسه إحتياطياً0
وسوف نتناول خلال هذا الموضوع أهم الإجراءات التى يجوز لمأمور الضبط القضائى إتخاذها حيال المتهم أو المشتبه فيه خلال مرحلة الإستدلال ، وذلك على النحو التالى : -
 المطلب الأول : الإستيقاف
 المطلب الثانى : الإقتياد
 المطلب الثالث : الأمر بعدم التحرك لحين الإنتهاء من تحرير المحضر ، والإستدعاء لسماع الأقوال
 المطلب الرابع : الإحتجاز والتحفظ على الشخص

المطلب الأول
الإستيقاف

( أولاً )
مفهوم الإستيقاف ، وأساس شرعيته

أ – مفهوم الإستيقاف قانوناً :
نصت بعض التشريعات الاجرائية والقوانين الخاصة على اجراء الاستيقاف ، غير أن بعض هذه القوانين عرف الاستيقاف ، والبعض الاخر اقتصر فى نصوصه على النص عليه ، وتحديد حالاته وشروطه ، وفى هذا المقام نتناول موقف بعض التشريعات المقارنة ، ثم نتناول موقف المشرع الاجرائى الفرنسى ، وأخيرا نعرض لموقف المشرع المصرى0
* مفهوم الاستيقاف وفقاً لبعض التشريعات المقارنة :
بعض القوانين الغربية نصت صراحة على الاستيقاف ، بيد أن هذه القوانين لم تعرفه ومنها القانون الايطالى المادة 380 أ0ج ، والبعض الآخر لم تنص عليه صراحة ، وان كان يستفاد من بعض النصوص المنظمة لمهام الضبط القضائى فى جمع الاستدلالات ، ومن ذلك القانون الجنائى الكندى وقانون الاجراءات الجنائية الألمانى 0
أما عن القوانين التى نصت على الاستيقاف وعرفته فنجد منها القانون الأمريكى ، والانجليزى ، مع مراعاة أن هذه القوانين ، قوانين خاصة ، وليست قوانين اجرائية ، وان اختلفت الصياغة ، الا أنها لا تخرج فى النهاية عن أن لمأمور الضبط أن يستوقف الشخص الذى يحوم حوله شك أو ريبة، اذا رأى من سلوكه أن هناك أسباباً تدعو للاشتباه بأنه ارتكب جريمة أو كان على وشك ارتكابها ، أو أن المشتبه فيه لديه معلومات عن الجريمة التى ارتكبت أو التى تكون وشيكة الارتكاب 0
وفى ظل النظم الاجرائية فى بعض الدول العربية ، نجد بعضها لم يتعرض صراحة للاستيقاف ومن ذلك قوانين الاجراءات الجنائية فى كل من الأردن وسوريا والجزائر وليبيا ولبنان ، وقد يرجع ذلك الى تقييد المشرع الاجرائى فى هذه الدول بأحكام الدستور والتى جرى بعضها على ألا يجوز تحرى أحد أو توقيفه إلا بموجب أمر أو قرار صادر عن السلطة القضائية 000 ومن التشريعات الاجرائية فى الدول العربية التى نصت على الاستيقاف وعرفته ، نجد قوانين الاجراءات الجنائية فى كل من اليمن ، والكويت ، والسودان 0
* موقف المشرع الاجرائى الفرنسى من الاستيقاف :
قرر المشرع الاجرائى الفرنسى اجراء الاستيقاف controle d'identite وفحص الشخصية Verifications d'identite بموحب المادة 78/2 أ0ج و 78/3 أ0ج ، وعلى الرغم من أن هذه المادة بفقرتيها لم تتضمن تعريفاً له ، إلا أنها حددت الأشخاص المكلفين به ، وحالاته ، وشروطه ، حيث نصت المادة 78/2 أ0ج فى شرطها الأول على أن هذا الاجراء جائز لمأمور الضبط القضائى وغيرهم ممن نصت عليهم المادتان 20 و 21/ أ0ج ، وناطت بهم هذا الحق وهم بصدد البحث عن الجرائم وجمع الاستدلالات ، على أن يتخذ هذا الاجراء فى مواجهة كل شخص تجمعت ضده دلائل قوية تنم على أنه مرتكب لجريمة أو أن له علاقة بالجريمة الجارى جمع الاستدلالات بشأنها0
وإن كان هذا ما نطلق عليه الاستيقاف القضائى Controle de police judiciaire ، وهو الذى يقوم به مأمور الضبط القضائى ومساعدوهم ، حيث يستفاد ذلك من الحالات التى أوردتها ،الا أن هذه المادة نصت على نوع آلآخر نطلق عليه الاستيقاف الادارى Controle de police administrative ، أى الذى يقوم به مأمور الضبط الادارى ، حيث يتعلق هذا النوع بنواحى ادارية بحته ، وهى تتعلق بالتحقق من الشخصية للتأكد من أن الأفراد يحملون بطاقات اثبات الهوية ، وان الأجانب يقيمون اقامة شرعية داخل الأراضى الفرنسية ، استنادا لنص المادة 78/1 أ0ج التى ألزمت كل فرد يقيم فى الاقليم الفرنسى بأن يحمل بطاقة إثبات شخصية ، وابرازها كلما طلبها منه رجال الشرطة والحفظ 0
* موقف المشرع الإجرائى المصرى من الاستيقاف :
لم ينظم قانون الاجراءات الجنائية المصرى الاستيقاف صراحة، بيد أن المستقر عليه قضاءً ولدى غالبية الفقه أن هذا الاجراء جائز لمأمور الضبط القضائى بمقتضى المادة 24 أ0ج ، ورجال السلطة العامة بمقتضى المادة 38 أ0ج بوصفهم من مأمورى الضبط الادارى المكلفين بمنع الجرائم وكشفها بعد وقوعها ، هذا على عكس ما ذهب اليه البعض من أنه فى غير حالة التلبس بإرتكاب الجريمة فانه يتعذر العثور على سند قانونى سليم لاجازة التعرض للمتهم بمعرفة أحد رجال السلطة العامة من غير مأمورى الضبط القضائى0
ب - مفهوم الإستيقاف فقها وقضاء :
عن موقف الفقه والقضاء بالنسبة لمفهوم الإستيقاف، نلاحظ أنهما لا يختلفان كثيراً حول تحديد مفهوم الاستيقاف ، سواء فى الدول التى نظمت قوانينها الاجرائية الاستيقاف ، أو التى لم تنص قوانينها على ذلك ، وبالرغم من تعدد هذه التعريفات وتنوعها الا أنها لا تخرج فى النهاية عن أن " الاستيقاف مجرد إيقاف الشخص لسؤاله عن اسمه وعنوانه ووجهته ، وهو أمر مباح لرجال الضبط عند الشك فى أمر عابر سبيل ، سواء كان مترجلاً أو راكباً ، اذا ما وضع نفسه طواعيةً واختياراً فى موضع الريبة والظن وكان هذا الوضع ينبىء عن ضرورة تستلزم تدخل المستوقف للكشف عن حقيقته 0


( ثانياً )
صور الإستيقاف

من خلال دراستنا لاجراء الاستيقاف لاحظنا جدلا فقهيا حول طبيعة الاستيقاف ، وهل هو من اجراءات الضبط الادارى فحسب ، أم أنه من اجراءات الضبط القضائى ، ولتحديد طبيعة هذا الاجراء انقسم الفقه التى فريقين أولهما ذهب الى أنه يعد إجراءً ادارياً من صميم إجراءات الضبط الادارى ، وسندهم فى ذلك أنه يجرى بدون قيام دليل على ارتكاب جريمة معينة أو جريمة فى حالة تلبس ، فهو اذن اجراء يباشره أفراد الشرطة استنادا لما تفرضه عليهم واجباتهم وفقا للقوانين المنظمة لوظائفهم ، وثانيهما ذهب الى أنه من اجراءات الاستدلال إستناداً الى ما تقرره قوانين الاجراءات الجنائية التى تفرض على مأمورى الضبط القضائى ومرؤوسيهم جمع الاستدلالات والحصول على الايضاحات واتخاذ كافة الوسائل التحفظية اللازمة للمحافظة على أدلة الجريمة والبحث عن الجرائم ومرتكبيها 0

المطلب الثانى
الإقتياد

* أولاً : مفهوم الإقتياد :
نظراً لهلامية هذا الاجراء ومرونته ، أطلق عليه الفقه والقضاء العديد من المسميات منها مصطلح الاقتياد ، الحجز ، التحفظ ، التعرض المادى ، القبض المادى000وعلى تعدد التسميات التى أطلقت على هذا الاجراء ، الا أن الفقه المصرى والمقارن يجمع على أن الإقتياد هو ذلك الاجراء الذى يرمى الى الحيلولة دون فرار شخص متلبس بجريمة لتسليمه الى السلطات المختصة ،وهذا ما درجت عليه أحكام القضاء المصرى 0
ويرى البعض أن الإقتياد هو الاجراء الذى يرمى الى الحيلولة دون فرار شخص متلبس بجريمة ، أوعجز عن اثبات شخصيته أو تبديد الشكوى التى أحاطت به ، لتسليمه الى السلطات المختصة حسب الأحوال0
* ثانياً : أساس شرعية الاقتياد : غالبية التشريعات الاجرائية نصت على الاقتياد ، فيما عدا البعض منها لم ينص عليه صراحة – قانون الاجراءات الجنائية التونسى – والبعض الآخر نص عليه لرجال الشرطة فقط ، ومثال ذلك السودان والكويت ، ومن التشريعات التى نصت عليه صراحة لرجال السلطة العامة والأفراد العاديين قانون الاجراءات الجنائية المصرى ، والفرنسى ، والجزائرى ، والمغربى ، والليبى ، والاماراتى ، والقطرى ، وقد اختلفت هذه التشريعات فى التعبير عن هذا الاجراء ، حيث استخدم بعضها لفظ إحضار ، والبعض الاخر لفظ اصطحاب ، والبعض الثالث استخدم لفظ قبض " مثال ذلك القانون القطرى مادة 17 أ0ج منه"0
وعلى الرغم من اتفاق هذه التشريعات حول تخويل سلطة اقتياد المشتبه فيه لرجال السلطة العامة والأفراد العاديين ، الا أنها تباينت فيما بينها ، حول نطاق هذه السلطة ، حيث خول بعضها سلطة الاقتياد فى حالة التلبس للفرد العادى ورجال السلطة العامة دون تمييز بينهما ، والبعض الآخر فرق بين الاثنين ، حيث اشترط أن يشاهد الفرد العادى الجناية أو الجنحة المتلبس بها ، أى تلبساً حقيقياً ، دون أن يشترط ذلك بالنسبة لرجال السلطة العامة ، حيث يجوز لهم ذلك فى أى حالة تكون عليها الجريمة المتلبس بها ، حتى ولو لم يشاهدها حال ارتكابها ، كما يشترط بعضها بالنسبة للفرد العادى أن تكون الجريمة مما يجوز فيها الحبس الاحتياطى ، بينما لم يشترط بعضها الآخر ، حيث يجوز الاقتياد فى الجرائم التى تكون عقوبتها الحبس فقط وذلك بالنسبة للفرد العادى ورجل السلطة العامة على السواء دون تمييز ، ومن التشريعات ما لم يخول هذا الحق للفرد العادى ، وأجازته لرجال الشرطة عامة ، ومثال ذلك الكويت والسودان 0


( ثالثاً )
صورالإقتياد

للإقتياد صورتان ، هما الإقتياد على أثر جريمة متلبس بها ، وهو إجراء جائز للفرد العادى ورجال السلطة العامة ، ومأمورو الضبط القضائى حسب الأحوال ، واقتياد على أثر الاستيقاف بصورتيه القضائية والإدارية – كما سبق – وهو إجراء مقصور على رجال السلطة العامة ومأمورو الضبط القضائى ، وهدفه أما التحقق من الشخصية Controle d'identite مادة 78/2 أ0ج وفحص الشخصية Verifications d'identite مادة 78/3 أ0ج فرنسى ،وسوف نتناول ذلك على النحو التالى : -
1. الإقتياد لفحص الشخصية فى ظل النظام الإجرائى الفرنسى :
تناولنا فيما سبق التحقق من الشخصية مادة 78/2 أ0ج ، وذكرنا أنه قد يكون هدفه تحقيق أغراض إدارية ، وقد يكون لتحقيق أغراض قضائية ، أما فحص الشخصية مادة 78/3-6 أ0ج فهو إجراء يغلب عليه الطابع الإدارى أكثر من الطابع القضائى ، حيث يغلب أن الشخص لا تحيط به شكوك ودلائل على أنه مرتكب جريمة ، وإنما يكون هدفه التثبت من شخصيته فقط ، وفحصها بكافة الوسائل0
واستنادا لهذا الإجراء إذا عجز المشتبه فيه عن اثبات شخصيته لرجل السلطة العامة ، يجوز للأخير فى هذه الحالة اقتياده إلى مأمور الضبط القضائى لفحص شخصيته بكافة الوسائل حيث المبدأ حرية اثبات الشخصية بكافة الطرق ، سواء عن طريق بطاقة الهوية أو بطاقة الإقامة أو جواز السفر 00 كما يقوم بالتحقق مما إذا كان لهذا الشخص سوابق قضائية ، أم لا ، وأنه ليس مطلوباً للجهات القضائية0
وقد ألزم المشرع مأمور الضبط بتحرير محضر بذلك ، وإبلاغ النيابة العامة ، وكذلك حددت مدته بألا تتجاوز 4 ساعات ، إلا أنه يوجد استثناء فيما يتعلق بالأجانب المراد فحص شخصيتهم ، حيث يجوز أن تزيد مدة الإبقاء لفحص الشخصية لتصل إلى 6 ساعات ، طبقا لقانون 1981م ، كما اشترط احتساب هذه المدة من مدة التحفظ إذا ما تم التحفظ عليه (مادة 78/4 أ0ج) ، فضلا عن نصه على ضمان إتصال المشتبه فيه بأسرته ، وأقاربه ، ومن يرى ضرورة الإتصال به0
2. الإقتياد للتحرى فى ظل النظام المصرى :
مما تقدم يبدو أن المشرع الإجرائى الفرنسى نظم هذا الإجراء – فحص الشخصية – ووضع حدوده وغايته ، أما فى مصر فلم ينظم المشرع الإجرائى مثل هذا الإجراء إلا أن الواقع العملى أثبت ممارسة هذا الإجراء ، وقد درج العمل على تسميته ( الحجز للتحرى )، ويمارس هذا الإجراء رجال السلطة العامة ومأمورو الضبط القضائى ، حيث يقومون بضبط العديد من الأفراد ، واصطحابهم إلى مقر الشرطة ، بغية التحقق من هويتهم ، وعملهم ، ومصدر تعيشهم ، ويتم حجزهم على أثر ذلك للكشف عن سوابقهم واتهاماتهم ، وما إذا كانوا مطلوبين فى شئ من عدمه وتحرر ضدهم محاضر إدارية تسمى بمحاضر التحرى، ووفقاً للواقع العملى أيضاً قد تصل مدة الحجز للتحرى إلى 24 ساعة وهى المقررة قانوناً لمأمور الضبط القضائى فى أحوال التلبس (مادة 36 أ0ج) 000 وقد أقر القضاء هذا الإجراء فى العديد من أحكامه ، حيث قرر أنه متى توافرت مبررات الاستيقاف حق لرجل السلطة اقتياد المستوقف إلى مأمور الضبط القضائى لإستيضاحه والتحرى عن حقيقة أمره ، وإن كان القضاء أقر هذا الإجراء وحدد معياره ، إلا أنه لم يحدد مدته ، ولا وسائل التحقق من الشخصية ، مثلما فعل المشرع والقضاء الفرنسيان0
وعلى الرغم مما يحققه هذا الإجراء من مرونة للشرطة وتسهيل لأداء مهمتها فى منع الجريمة والكشف عنها وضبط مرتكبيها ، إلا أن إجراء فى غاية الخطورة ، من حيث الإعتداء على حرية المشتبه فيه ، أو الحجر عليها لمدة تصل غالبا إلى 24 ساعة دون سند قانونى صريح ، لهذا نهيب بمشرعنا الإجرائى سد هذا الفراغ التشريعى ، بالنص على هذا الإجراء ، مستنيراً بما نص عليه المشرع الإجرائى الفرنسى فى المادة 78/3 – 6 أ0ج من حيث تحديد معياره وهدفه ومدته وضرورة إبلاغ النيابة العامة بهذا الإجراء فور القيام به ، وتحديد وسائل إثبات الشخصية ، ومنح المشتبه فيه الضمانات الكافية التى تساعده على اثبات شخصيته ، والإتصال بأسرته وأقاربه 0
المطلب الثالث
الأمر بعدم التحرك لحين الإنتهاء من تحرير المحضر ، والإستدعاء لسماع الأقوال

فى أحوال التلبس بالجريمة خول المشرع الإجرائى مأمور الضبط القضائى فور علمه بوقوع الجريمة وانتقاله لمحل وقوعها إصدار أمر للحاضرين بعدم التحرك ، حتى ينتهى من معاينة مسرح الجريمة وجمع كل ما يفيد فى كشف الحقيقة ، وتحرير محضر بذلك ، وكذلك منع أفراد الجمهور من المارة من الإقتراب من مكان وقوع الجريمة ( مادة 32 أ0ج مصرى – مادة أ0ج فرنسى) ، والهدف من هذا الاجراء هو عدم إتلاف الآثار المتخلفة عن الجريمة كالبصمات وآثار الدماء ، وكل ما يتخلف عنها ، والمحافظة على أدلتها0
ومما تقدم يمكننا القول بأن الأمر بعدم التحرك ، هو ذلك الاجراء الذى خوله المشرع لمأمور الضبط القضائى عند إنتقاله إلى محل الواقعة فى الجرائم المتلبس بها بهدف منع الحاضرين من مغادرة المكان ، حتى يتمكن من سماع أقوال من تكون لديه معلومة عن الواقعة ، واقرار النظام فى هذا المكان حتى يتم المهمة التى حضر من أجلها 0
كما خول المشرع الإجرائى مأمور الضبط القضائى سلطة استدعاء كل شخص يرى أن من شأن ذلك فائدة للتحقيق وزيادة المعلومات حول الوقائع ، والوثائق التى تم التحفظ عليها ، والحصول على إيضاحات بشأن الواقعة محل البحث (مادة 32 أ0ج مصرى، مادة 62 أ0ج فرنسى) 0
والحاضرون الصادر لهم الأمر بعدم التحرك ، أو الأشخاص الذين يرى مأمور الضبط القضائى استدعاءهم لضرورات التحقيق ، قد يكونون مجنياً عليهم ، أو مشتبهاً فيهم ، أو من عامة المواطنين دون أن تكون لهم علاقة بالجريمة بيد أن هؤلاء قد يرى مأمور الضبط القضائى أن لديهم معلومات تفيد فى كشف الحقيقة وتحديد هوية الجانى الحقيقى 000 وقد ذهب البعض الى أنه لا يشترط أن تكون الدلائل على قدر معين من الخطورة للقيام بهذين الاجراءين حيث يمكن أن تكون الدلائل مادية أو مجرد اتهام من شخص ما ، كالمجنى عليه أو الشاهد أو شخص آخر أو افادة من قبل شخص تتعارض مع ما لاحظه مأمور الضبط القضائى ، أو لمجرد قيام الشخص المتواجد بمكان الجريمة بتصرفات غير مألوفة 0

المطلب الرابع
الإحتجاز والتحفظ على الشخص

( أولاً )
الإحتجاز والفرق بينه وبين بعض الإجراءات الأخرى الماسة بالحرية

خول المشرع الإجرائى مأمور الضبط القضائى فى أحوال التلبس سلطة القبض على المشتبه فيه بدون اذن من الجهات القضائية المختصة، وثمة فارق لفظى بين النظامين المصرى والفرنسى ، حيث يطلق النظام المصرى على الإجراءات المقيدة للحرية قبضاً ، سواء كان بواسطة جهات الاستدلال أثناء حالة التلبس أو بناء على اذن من الجهات القضائية المختصة على عكس النظام الفرنسى الذى يطلق عليه الاحتجاز- Garde a vue – وهذا الاجراء يقوم به مأمور الضبط القضائى أثناء حالة التلبس ، أو فى الحالات الأخرى المنصوص عليها قانونا ، أما القبض فيطلق عليه لفظ arrestation وهواجراء يبدأ بعد انتهاء مدة الحجز وارسال المشتبه فيه الى جهات التحقيق المختصة 0
وقد يقصد بالاحتجاز - Garde a vue – فى النظام الفرنسى فى غير حالات التلبس (مادة 77 أ0ح) الاجراءات التحفظية المقررة بموجب المادة 35/2 أ0ج مصرى حيث ذهب البعض الى أن من صور الاجراءات التحفظية استيقاف المشتبه فيه ، أو اقتياده أو احتجازه فى مكان ما لمدة قصيرة نسبياً ، سواء فى المكان المخصص قانوناً أو مكان ارتكاب الجريمة أو منزله لحين استصدار إذن بالقبض عليه ، ومن ثم فإن هذه الاجراءات لا تعد قبضاً ، وفقا لهذا الرأى لأنها لا تنطوى على مساس بالحرية ، وإن فرضت عليها بعض القيود ، حيث تتمتع بطابع عارض مؤقت فرضته نظرية الضرورة الاجرائية ، وبالتالى تعد اجراءات ذوات طبيعة استثنائية 0

( ثانياً )
التحفظ ومدى شرعيته
من الملاحظ أن المشرع المصرى والفرنسى لم ينصا على التحفظ قبل إصدارهما لقانون الاجراءات الجنائية ، حيث انتهج المشرع الاجرائى المصرى موقفا موحداً فى ظل قانون تحقيق الجنايات الأهلى المختلط ، وكذلك قانون الاجراءات الجنائية عند صدوره وقبل تعديله بالقانون رقم 37 لسنة 1972م ، حيث أجاز لمأمور الضبط القضائى سلطة القبض على الأشخاص فى غير أحوال التلبس ، وإن إختلفت حالاته وشروطه فى كل قانون من هذه القوانين ( مادة 15 قانون تحقيق الجنايات الأهلى والمادة 34 أ0ح الملغاه بالقانون 37 لسنة 1972م )0
ونجد نفس الوضع فى النظام الاجرائى الفرنسى فى ظل قانون تحقيق الجنايات الملغى ، حيث لم يكن هذا القانون يخول مأمور الضبط القضائى حق القبض والتحفظ ، إلا فى أحوال التلبس (مادة 206 تحقيق جنايات ، وقانون 20 مايو سنة 1863م وقانون سنة 1897)، ومع ذلك مارس مأمور الضبط القضائى فى الواقع العملى نوعاً من إجراءات التحفظ على الأشخاص0
والخلاصة هى أن هذه الاجراءات وجدت وطبقت فى فرنسا قبل صدور قانون الاجراءات الجنائية دون سند صريح من القانون الاجرائى ، وإن كانت تستند على بعض النصوص المتفرقة التى ثار الخلاف حولها ، من حيث صحتها ، ومدتها ، وحالات تطبيقها 000 وبصدور قانونا الاجراءات الفرنسى سنة 1958 والمصرى رقم 37 لسنة 1972 ، أقرا هذا الاجراء ، وتطور فى ظل قانون الاجراءات الجنائية الفرنسى ، بفضل التعديلات المتلاحقة من جانب المشرع الفرنسى ، وآخرها – فيما يتعلق بالتحفظ – قانون 4 يناير و 24 أغسطس سنة 1993 ، ثم قانون تدعيم قرينة البراءة رقم 516 لسنة 2000م ، وذلك بعكس قانون الاجراءات الجنائية المصرى ، حيث لم يطرأ عليه تعديل منذ قانون 37 لسنة 1972م حتى الآن0

( ثالثاً )
مفهوم التحفظ

أ - مفهوم التحفظ قانوناً :
نجد أنه على الرغم من نص قانونى الاجراءات الجنائية الفرنسى والمصرى على التحفظ – الاحتجاز – على المشتبه فيه ، الا أننا لم نجد فى أى منهما تعريفاً لهذا الاجراء ، غير أنه يمكننا تحديد المقصود بهذا الإجراء فى ضوء الهدف من تقريره ، ونسترشد فى ذلك بما قضت به النصوص المنظمة لهذا الاجراء فى القانون الفرنسى ، والمذكرة الايضاحية للقانون رقم 37 لسنة 1972م المصرى0
فوفقاً للنصوص المنظمة للتحفظ فى القانون الإجرائى الفرنسى، نجد أنها أجازت لمأمور الضبط القضائى بدون أمر قضائى ، التحفظ Garde a vue على شخص أو أكثر سواء كان مشتبهاً فيه ، أو مشاهداً حسب الأحوال بوضعه تحت تصرفه واحتجازه لمدة 24 ساعة يجوز مدها لـ 48 ساعة (مادة 63 فى حالة التلبس – و77 فى الأحوال العادية و154 فى حالة الندب من قبل جهات التحقيق)0
هذا وقد حاولت المذكرة الايضاحية للقانون المصرى رقم 37 لسنة 1972 تحديد مفهوم التحفظ ، حيث أوضحت أن هذا الاجراء لا يعد قبضاً بالمعنى القانونى وليس فيه مساس بحرية الفرد اذ أن هذه الحرية يجب أن يزاولها فى الاطار الاجتماعى للمصلحة العامة وفق ما أشار اليه بعض الشراح ، فلا مساس بهذه الحرية اذا طلب من الشخص أن يمكث فى مكانه لحظات أو فترة قصيرة مثلما هو مقرر من أن لمأمور الضبط القضائى عند انتقاله الى مكان الحادث فى حالة التلبس أن يمنع الحاضرين من مبارحة محل الواقعة والابتعاد عنه حتى يتم تحرير المحضر وهو مالا يعتبر قبضاً 0
وقد ذهب البعض الى أن المذكرة الايضاحية لم تحدد بدقة المقصود بإجراء التحفظ على الأشخاص ، كما أنها خلطت بين اجراء التحفظ وبين الأمر بعدم التحرك ، كما أن المذكرة الايضاحية تناولت الأمر بعدم التحرك من مكان الجريمة أو الابتعاد عنه وذلك فى أحوال التلبس ، وهى سلطة خولها القانون بموجب المادة " 32 أ0ج " لمأمور الضبط القضائى فى أحوال التلبس ، كما رتبت المادة " 33 أ0ح " على مخالفة ذلك جزاء الغرامة ، ويفهم من المذكرة الايضاحية أنها تناولت تقييد الحرية فى أحوال التلبس وليس الأحوال العادية المقررة بموجب المادة 35/2 أ0ج0
ب - مفهوم التحفظ فقهاً :
أمام خلو التشريعين المصرى والفرنسى من تعريف التحفظ بذل الفقهان المصرى والمقارن ، محاولات جادة لتحديد المقصود به ورغم تعدد التعريفات التى وضعت فى هذا الشأن ، فإنها لا تخرج فى النهاية عن تعريفه بأنه ( إحتجاز مؤقت للمشتبه فيه رغماً عن إرادته لمدة تتراوح بين عدة ساعات ، وعدة أيام حسب التشريعات ووفقا للشكليات المقررة قانوناً تحت رقابة القضاء ، لأجل ضرورات التحقيق ، أو بسبب وجود دلائل قوية ومتطابقة على الاتهام من أجل حسن سير التحقيق) 0
هذا وقد قضت محكمة النقض المصرية بأن " حبس الشخص وحجزه معناه حرمانه من حريته فترة من الزمن000" 000 ويتضح مما تقدم أن جوهر التحفظ هو تقييد حرية المشتبه فيه وحرمانه من الغدو والرواح كيفما يشاء ، مما يجعله يتفق من حيث الجوهر مع القبض ، وذلك يدفعنا للقول بأن الفارق بينهما فارق لفظى فحسب ، حيث ينصب كلاهما على الحرية الشخصية للمشتبه فيه ، وقد ذهب البعض الى أن الاجراءات التحفظية قد تتخذ صورة استيقاف المشتبه فيه أو اقتياده الى مركز الشرطة أو إحتجازه وقتاً قليلاً ، أو تجريدة من السلاح الذى يحمله أو إرغامه على التخلى عن متاع مريب يحمله



https://elbahith.rigala.net

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى